العراق تايمز - كتب الباحث والمفكر المصري محمود جابر
صدمنى مقال عبر موقع الحوار المتمدن لشخص يدعى " ضياء الشكرجى" يتهم سماحة المرجع اليعقوبى باثارة الفتنة السنية الشيعية، فى خطبته بمناسبة ذكرى وفاة فاطمة الزهراء (ع)، ويقول المدعى (( الشكرجى)) ان الخطبة كانت موجهة ضد مشاعر السنة، عبر المساس برموزهم، وكذلك موجهة ضد الديمقراطيين والديمقراطية، بل ضد الدستور ...
ولا اعرف هل الشكرجى يبكى المساس برموز السنة ((!!)) أم يبكى الديمقراطية ((!!)، أم يذرف الدمع على الدستور !!
اما ربما يرى سماحة الشيخ الشيوعى البعثى القومى الدعوى العلمانى الليبرالى ان السنة تساوى الديمقراطية وانهما - السنة والديمقراطية - تساوى الدستور .... ربما وكل شىء جائز فى عذا الزمان، ولكن قبل الخوض فى تخرصاته وافترائاته يعوزنا ان نطل اطلالة سريعة على تاريخ سماحته من قبل العمامة وبعدها ....
فالاستاذ الشكرجى كما يقول فى سيرته الذاتية (( انظر الرابط اسفل الموقع )).
انه ولد بالعراق وانه من اصول ايرانية، وبدا حياته شيوعيا، ثم انتمى الى حزب البعث وصار قوميا بعثيا ومسئول عن لجنة ثورية بعثية، ثم منتميا لحزب الدعوة ومسئولا فى آوربا، ومرتبطا مع قيادته فى طهران، ومؤمنا بولاية الفقيه، ثم شيخا فى زى رجال الدين بعمامة ولا ادرى متى لبسها وعلى ايدى من؟!! وكان من ضمن المعارضة النشطة جدا ما بين عواصم اوربا وطهران وسورية ولبنان، لم يترك مؤتمرا للمعارضة فى الخارج الا حضره، ولم يأتى فرصة للتواصل مع الداخل الا بددها، لم ينطق فى ترجمته الذاتية بكلمة عن الانتفاضة الشعبية الشعبانية العظيمة، وله منا كل العذر حيث ان الرجل كان منشغلا عن معارك البنادق بمعارك الفنادق ...
ولكن ليت الامر توقف عن هذا الحد ولكن الرجل لم تأتيه فرصة بطعن اخوانه وشعبه الا واستغلها على خير وجه، وقد جمع فى حرفية غريبة بين قناة المستقلة والشرقية وقناة العالم !!
فسماحة الشيخ خالع العمامة وحالق لحيته المتباهى بعلمانيته وليبراليته، لا يحب ان تتحدث المرجعية عن وصية النبى حتى لا نجرح شعورهم بما لا يتفق مع قواعد الديمقراطية - واللى عاوز يعمل حاجة يعملها .
وعود على بدء ..... بالعودة الى خطاب سماحة الشيخ اليعقوبى امس الاول خطبته بعنوان ((السيدة فاطمة الزهراء ووراثة المستضعفين ))
فقد القى سماحة المرجع الديني الشيخ اليعقوبى خطابه التاريخي السنوي في الالاف من زوار الإمام امير المؤمنين (عليه السلام) ومن مختلف أنحاء العراق الذين وفودوا الى النجف الأشرف في ذكرى استشهاد سيدة نساء العالمين وبضعة النبي الامين السيدة فاطمة الزهراء.
حيث أشار سماحته الى السنن الالهية الثابتة والتي تتكرر في كل ومكان إذا توفرت أسبابها وظروفها في ضوء الآية الشريفة (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص 5). مبيناً العديد من البركات والآثار التي يُثمِر عنها تمكين المؤمنين الذين وُعِدوا بالنصر الذين لم يدفعهم استضعافهم والظلم والعذاب والاضطهاد الذي تعرّضوا له الى التخلّي عن مبادئهم وأخلاقهم والتزامهم بالحق، بل زادهم هدىً وصلاحاً ونضجاً، قال سماحته : فتمكينهم في الأرض تكون له بركات وآثار تكشف عن صدق نياتهم وإخلاصهم في أهدافهم وثباتهم على الاستقامة التي أمرهم الله تعالى بها وعدم انخداعهم بالدنيا البرّاقة التي تتزيّن لهم إذا مُكّن لهم في الأرض،
طرح سماحته الموقف الرسالى للزهراء التي أرادت من خلالها هداية الامة الى المنهج الذي يوصلهم لنيل الممنِّ الإلهية المذكور في التعبير القرآني فيتخذ منهم قادة ويمكّنهم في الأرض ويجعلهم الوارثين باتباعهم المنهج الحق الذي اختطه أمير المؤمنين علي والائمة من ولده (عليهم السلام) .
وقال دام ظله :... فالصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) تدلّ الامة على أن وراثتهم الأرض وتمكينهم فيها حتى تكون يدهم العليا وغيرها من البركات تتحقق بوحدتهم خلف قيادتهم الحقة وطاعتهم لها والتجرد عن الأهواء والتعصبات والانفعالات والتحزّبات والأنانيات، وبذلك يحبطون خطط المستكبرين في استضعاف الناس من خلال تمزيق وحدتهم وجعلهم جماعات وأحزاباً ويضرب بعضهم بعضاً.
وفي هذا الصدد أوضح سماحته النتائج الوخيمة التي تترتب على ترك وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتخاذل عن تطبيق الدين .. لافتاً الى ضرورة وجود قائدٍ جامع للشرائط كشرط من شروط وراثة الأرض والتمكين فيها بقوله (دام ظله)... فيفقدون قوّتهم في صراعاتهم الداخلية ويسهل استضعافهم لأنهم لم يقيموا الدين في حياتهم وتخاذلوا على تطبيقه وتركوا فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً)(الروم32) (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ)(الأنعام65) .
وفي نفس السياق بيّن سماحة المرجع اليعقوبي أن هناك شروطاً وحدوداً لقضية تمكين المستضعفين في الارض: - مراعاة القوانين الالهية - مراعاة العدل - عدم الوقوع فى مكائد الباطل والمبطلين فى نهاية خطبته والتى اغضبت زمرة الباطل - وما اكثرها - حين قال سماحته : الى المتنكرين لنعمة الله تعالى ممن وصلوا الى السلطة والذين مكّنهم الله تعالى ليبتليهم وينظر في سيرتهم، فكان أن انحرفوا وأفسدوا وتخلّوا عن أهدافهم وشعاراتهم وعن الشروط اللازمة لتحقق النصر والتمكين حتى آل الأمر الى ما آل اليه اليوم قائلاً: إن كثيراً ممن مكنهم الله تعالى ليبتليهم وينظر في سيرتهم تنكّروا لتلك الشروط والصفات المطلوبة فانحرفوا وأفسدوا، فأوعدهم الله بعذابه (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (محمد:22-23).
والسؤال : هل هذا الكلام قصد به اصدقاء الـ (( شكرجى)) القداما ام المحدثين ام كل المنحرفين الذى ربما استئجروا هذا المدعو من اجل ان يدعى .... ويخرص ويرفل فى الباطل كما رفلوا معه .... قديما وحديثا ...
فسماحته ضربهم بكلاماته الرسالية حين قال: كالذي نشهده اليوم من تخلّي الكثيرين ممن وصل إلى السلطة عن أهدافهم وشعاراتهم والخصائص التي أشرنا إليها، حتّى آل الأمر إلى هذا الواقع التعيس الذي يعاني منه الكثيرون، وهذا كفر عظيم بالنعمة.
وفى الاخير لم يقرأ الشكرجى عن عمد .... ما نطق به لسان الحوزة الناطقة العربية العراقية المجاهدة الواقفة على حدود الله حين اشاد بالوقفة الموحّدة للامة - سنة وشيعة - أمام جيوش الظلام والإرهاب فتحققت على إثرها الانتصارات التي أذهلت الجميع بقوله: لكن بوادر النهضة والإنبعاث تفجرّت من جديد هذه الأيام وكانت الهجمة الوحشية لخوارج العصر ومن يقف وراءهم الضّارّة النافعة التي وحّدت الامة وأبرزت مكامن قوتها فتحققت الإنتصارات التي أذهلت القريب والبعيد.
ان تعبير (( الضارة النافعة)) هو تعبير يحمل مفارز للرجال ومفارز للمعادن انبرى الصفيح فيها متطاولا على الذهب فخرج الشيخ البعثى الشيوعى الليبرالى ينتقد المرجعية ويدافع عن العلمانية ويمتدح ِايران !!
|