بابا النصارى وإمام المسلمين.... بقلم معمر حبار






حينما انتخب البابا، جون بول الثاني، على رأس الكنيسة الكاثوليكية سنة 1978، وهو يحمل الجنسية البولونية، كان العالم الغربي بشطريه الشرقي والغربي في أوج الحرب الباردة، وكان يُنظر لبولونيا، أنها الحاضنة للشيوعية والاشتراكية والماركسية، التي يجب سحقها ومحوها.

لكن أوربا، تجاوزت الأحقاد والخلافات السياسية فيما بينها، واتفقت على أن تختار من المعسكر الشرقي، المعادي يومها لتوجهاتها وسياستها العليا، فاختارت لحمل الصليب من تراه أهلا لذلك، دون النظر لجنسيته، وموطنه

 

ومن نشاطه، أنه أقام علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية في عهد ريغان سنة 1984، فأمسى للفاتيكان سندا سياسيا قويا ، بالإضافة للقوة الروحية التي يتمتع بها، وختمها بعلاقات دبلوماسية مع الصهاينة سنة 1994، وبرّء الصهاينة من دم سيدنا عيسى عليه السلام، فكانت هدية لا تقل في معناها ومبناها عن هدية وعد بلفور.

 ونفس الشيء، حدث مع البابا فرنسيس، فهو أول بابا من أمريكا الجنوبية، ينتخب على رأس الفاتيكان، بعد الدورة الثانية، وهو الذي لم يكن له حظ في نيل كرسي البابوية، قبل إجراء الانتخابات، مقارنة بزملائه الأوربيين. واستطاع أن يجمع من حوله، أوباما، وهولاند، وديفيد كامرون، وأنجيلا ميركيل، وتخصه رئيسة الأرجنتسن بالزيارة في الفاتيكان، لتقدم له التهاني بنفسها.

المجتمعات الكبرى، تتجاوز الجنس والمكان واللون والشخص، وتقف عند من يحقّق أهدافها، ولو كان من بولونيا أو الأرجنتين، فتجتمع حوله، ويجمع من حوله.

بينما المجتمعات الإسلامية والعربية، انقسمت حول علماءها، وأمسى لكل دولة إمام، يلغي الأئمة الآخرين، ولا يعترف بهم إلا تابعين، فانفرط العقد، وعمّ اللّمز والغمز، وشاعت فتاوى سفك الدماء، وتضليل كل مخالف في الرأي والموقف، ولم يعد لحيّ ولا ميّت حرمة.