مصداقية وسائل الإعلام لدى الجمهور |
تعني المصداقية درجة الثقة التي يوليها الأفراد للمعلومات الواردة إليهم عبر وسائل الإعلام وإداركهم بأن هذه المعلومات هي انعكاس حقيقي للأحداث التي يتم تقديمها.
وفي هذه الايام يطرح سؤال المصداقية على الإعلام بشكل كبير وواضح ، بسبب الانفجار الكبير لوسائل الإعلام التي لاتزال فرض هيمنتها على الوسائل الأخرى ، ناهيك عن استحالة متابعة كل ما تبثه والتثبُّت من صحته ، أضافة إلى ارتفاع منسوب الكذب والتضليل في المادة الإعلامية ، والأزمات العراقية خير شاهد على ذلك.
اذاً أصبحت وسائل الإعلام نافذة مهمة على العالم يتعرف الأفراد من خلالها على ما يدور حولهم من أحداث في العالم الخارجي ، حيث إن وسائل الإعلام تزود الجمهور بالمعلومات والأخبار عن القضايا المختلفة.
وقد شهدت التطورات المتلاحقة في مجال تكنولوجيا الاتصال الفضائي إلى توسع دور وسائل الإعلام بعد إذ كان مهمتها من مجرد نقل الأحداث والصراعات العالمية إلى المشاركة في هذه الأحداث من خلال خلق رأي عام مؤيد أو معارض للقضايا المطروحة للنقاش.
وتشير نتائج عدد من الدراسات الحديثة في مجال الإعلام إلى الارتباط الوثيق والمتبادل بين إعتماد الجمهور على وسيلة إعلامية معينة كمصدر لاستقاء المعلومات والأخبار عن القضايا والمشكلات المثار ومدى ثقته أو درجة مصداقيتها لديه، بمعنى: أن الجمهور عندما يعتمد على وسيلة ما للحصول على المعلومات فإن هذا السلوك يعني تمتُّع هذه الوسيلة بدرجة عالية من الثقة والمصداقية لدى هذا الجمهور، والعكس صحيح.
وقد أصبح النشاط الإعلامي لأي دولة لا يقتصر على الاتصال بجماهيرها داخل الحدود الإقليمية بل أدركت مختلف الدول أهمية مخاطبة الشعوب خارج حدودها ، أي أن العملية الاتصالية أصبحت عابره عبر الحدود.
وهنا يبرز دور وسائل الإعلام على المستوى الدولي ، حيث تستخدم الدول المختلفة هذه الفضائيات في الدعاية الخارجية لسياستها وشرح وجهة نظرها تجاه القضايا المختلفة.
وقد أصبحت الأخبار ساحة تنافس كبيرة بين وسائل الإعلام للوصول إلى أكبر عدد من المشاهدين والحصول على ثقتهم ، فالمشاهد يبحث عن الحقيقة فإن لم يجدها في قناة فإنه يتحول لمشاهدة قناة أخرى.
ومن ثم فقد أصبحت دراسة العوامل المؤثرة على مصداقية وسائل الإعلام لدى الجمهور ذات أهمية بالغة في الوقت الراهن خاصة في ظل المنافسة الشديدة بين وسائل الإعلام المختلفة ولما يمثله متغير المصداقية من أهمية في عملية الإقناع وتعديل اتجاهات الرأي العام نحو القضايا المختلفة.
إن الجمهور يستخدم معايير متعددة لتقييم مصداقية وسائل الإعلام وكانت أهمها ما يتعلق بطبيعة التغطية الإخبارية حيث حدد مختصون في مجال الإعلام مجموعة من العوامل لتقييم المصداقية وأهمها عرض الأخبار دون تعتيم والتميز بالدقة في نقل المعلومة والتغطية الفورية للأحداث.
وهناك معايير تتعلق بتصورات الجمهور عن أداء الوسيلة ؛ فالمبحوثون يعتمدون على مصادر موثوق بها في تغطية الأحداث وعن أداء القائم بالإتصال ، فكفاءة القائم بالإتصال من المعايير الهامة لدعم المصداقية.
أضافة إلى أن مصداقية وسائل الإعلام تتكون من مجموعة من الآليات التي تعمل معاً للوصول لثقة الجمهور وتتنوع هذه الآليات ما بين الحيادية والموضوعية وعرض جميع جوانب الموضوع وكفاءة القائم بالاتصال ، فكلما شعر الجمهور أن وسائل الإعلام أمينة فيما تقدمه له من أحداث وتلتزم بالمعايير المهنية وكلما شعر بتميز أداء القائم بالإتصال داخلها كلما زادت تقييماته لمصداقية تلك الوسائل.
ومن الممكن أن يكون ذلك لأنه إذا اتسمت تصورات الجمهور بالإيجابية تجاه هذه وسائل الإعلام فإن ذلك يزيد من المصداقية وبالتالي فإنه يلجأ لهذه الوسائل للحصول على المعلومات ، بينما إذا كانت تقييمات الجمهور سلبية تجاه هذه الوسائل الإعلامية فإن ذلك يؤدي بدوره إلى تراجع ملحوظ في استخدامهم لهذه الوسائل وبالتالي في ثقتهم فيما تطرحه من موضوعات.
مما سبق يتضح أن المصداقية مفهوم متعدد الأبعاد منها ما يتعلق بالوسيلة الإعلامية وخصائصها ومنها ما يتعلق بالمصدر أو القائم بالإتصال وما يختص بطبيعة التغطية الإعلامية، كما أنها متغير يتشابك مع مجموعة من المتغيرات الأخرى مثل الأنظمة السياسية السائدة والسياق الثقافي للمجتمع وخصائص وسمات الجمهور.
لذا فأهمية متغير المصداقية من أهم العوامل التي تؤثر في عملية الإقناع وتشكيل اتجاهات الرأي العام تجاه القضايا المختلفة ، كما أن الإلتزام بمعايير المصداقية هي أحد أهم دوافع اتجاه الجمهور لمتابعة قناة دون غيرها خاصة في ظل المنافسة الشديدة بين وسائل الإعلام المختلفة لجذب الجمهور.
|