عندما ألغى مجلس الوزراء وثيقة البطاقة التموينية من وثائق اثبات الشخصية في المعاملات الرسمية وغيرها شعر الناس بأرتياح من هذا القيد الذي لم يكن مبررا ، إضافة إلى انه وفر مصاريف كثيرة وألغى هدرا ماديا كبيرا ، ولكن عجز وزارة الكهرباء عن استحصال اجور التيار الكهربائي من المستهلك أعادت إلينا ما سمي براءة الذمة من ديون الكهرباء ، وهي كتاب ينبغي ان يستحصل من الوزارة لكي تأخذ المعاملات الشخصية للتنفيذ... اي ان هذه البراءة ستكون بديلا عن البطاقة التموينية في المعاملات . الواقع انه لاخلاف على ضرورة ان تستحصل الدولة أجور الخدمات المدفوعة الثمن التي تقدمها طوعا او بقوة القانون ، وهي اجور مهمة وضخمة ترفد ميزانية الدولة بمبالغ كبيرة سواء كانت للكهرباء او للمياه وغيرها ، بل ان بعض الاقتصاديين يقول ان هذه الاجور لو تحسنت جبايتها ربما تسد نفقات الاجور والرواتب لهذه المؤسسات الهامة وتحسن ادامتها. ويشدد الكثير من المواطنين على ذلك ، ليس من الباب المادي وانما لجهة مساهمة المواطن في ادامة هذه الخدمات ويعتبرها واجبا ممتازا . ولكن من المسؤول عن هذا الانقطاع للبعض من تسديد ما بذمته من اجور خدمات للدولة ، انها الوزارت والمؤسسات المعنية فقد تماهل العاملون فيها عن أداء واجبهم وتقاعسوا عن المطالبة أو إن البعض توقف عن إيصال الفواتير وقبلها قراءة المقاييس ، واكثر من ذلك تدنت النظرة للمال العام ، فعندما تسأل عن ذلك يقال لك الدولة غنية وليس بحاجة لهذه المبالغ ، ومن يسأل سواء دفعت ام لا .. الحقيقة انها الفوضى والتدمير الذي اصاب جميع مفاصل المؤسسات وعدم الشعور بالمسؤولية لرؤسائها الذين اهملوا متابعة ما يقع على عاتقهم ، ومن جانب اخر تعكس الإخلال بالقانون والحق العام وهشاشة المؤسسات وضعف قدرتها على اتخاذ الاجراءات اللازمة للذين يخرقون القانون والحقوق والواجبات . على اية حال ، تعتبر جباية الأموال من الذين غلسوا عنها وملاحقتهم ضرورة وخطوة في الاتجاه الصحيح لأستعادة المال العام من مغتصبيه سواء كان قليلا او كثيرا . ولكن ليس بهذه الطريقة المكلفة والمرهقة للمواطنين ، فستكون هناك حاجة لموظفين عددين ومصاريف لا ضرورة لها لاصدار براءة الذمة من ديون الكهرباء ، لا بد من التفكير باساليب اخرى تجبر المواطنين على تسديد ما بذمتهم لوزارة الكهرباء وغيرها ، كأن إنشاء برنامج على الحوكمة الالكترونية يعمم على الدوائر بأسماء المشتركين في هذه الخدمات يتضح من سدد أو تخلف عن ذلك ، ويؤشر على المعاملة بدقائق .. إن التخفيف من الروتين والبيروقراطية من اهداف الدولة الحديثة والحيوية فنحن نطمح ان تلغى الازدواجية في الهويات وتوحد في البطاقة المدنية الموحدة ، لكل فرد رقم مدني، يمكن أن يبين موقفه وأوضاعه ، بكبسة زر، وليس بحاجة أن يشهر كل مرة وثائقه الأربع لتمر معاملته من دائرة إلى أخرى . |