ليالي قريش ١٩

مكنش فيه مشكلة بين اليهود والعرب اللي كانوا ساكنين يثرب، أول ما جه اليهود في القرن السادس قبل الميلاد (قبل الإسلام بـ أكتر من 1200 سنة) واضح إن أهل يثرب مكنش عندهم مشكلة مع فكرة إن حد ييجي يستوطن الأرض، وياخد حتة يزرعها.

كمان اليهود دول ماجوش من بلدهم سلط ملط، أو يا مولاي كما خلقتني، بـ العكس كان معاهم اللي قدروا ينفدوا بيه من دهب وفضة وخلافه، فـ دفعوا لـ مشايخ القبائل زي ما تقول أرضية، كمان هم كانوا كل حلمهم حتة تؤويهم،واليثاربة شافوا إن مفيش ما يمنع إن الحتة دي تبقى عندهم.

لكن مش معناه إن زيتنا يبقى في دقيقنا، ونتجوز من بعض لـ حد ما ندوب، في الآخر دول عرب ودول يهود. من ناحية العرب كان عندهم اعتزاز بـ فكرة القبيلة، والمصاهرات بـ تتم بـ حساب، ودول عجم مالهمش أصل عربي. ومن ناحية اليهود عندهم عقيدة، والعقيدة مش دعوية، بمعنى إنها مش عقيدة دعوة، ما عندهمش فكرة إن العالم كله يبقى يهودي، لأن الفكرة أصلا إنهم شعب الله المختار، لما يبقى كل العالم يهود يبقى مختار على مين؟

مش بس العقيدة، اليهود كانوا بـ يشتغلوا في أنشطة اقتصادية زي الربا، واليهودية بـ تحرم على اليهودي، إنه يرابي على يهودي زيه، بس عادي ممكن يرابي مع غير اليهود، نقرا مثلا في سفر التثنية "لأجنبي تقرض برِبا، ولكنْ لأخيك لا تقرض بربا، لكي يُباركك الربّ إلهك في كل ما تَمتدّ إليه يدك في الأرض التي أنتَ داخل إليها لتمتلكها". وطبعا لو كان العرب دخلوا اليهودية كانوا هـ يدخلوا في التحريم.

وهكذا، الوضع بقى إن فيه عرب وفيه يهود، مفيش مشاكل، بس مفيش تمازج.

بس كده اليهود عايزين يبيعوا للعرب حاجتين عكس بعض: الأول إنهم أهل الكتاب، اللي عندهم كتب جاية من السما، وهم أهل الله، بس إنتو ما ينفعش تبقوا تبعنا، من هنا جت فكرة إن كل قوم ليهم أنبياؤهم، وإن العرب هـ ييجي لها نبي "أمي"، وأمي مش معناها إنه مش بـ يعرف يقرا ويكتب، لكن معناها إنه من أمة العرب، يعني نبي محلي، نبي بتاعهم يعني.

طبعا ممكن نقول الفكرة اللي فاتت بـ طريقة تانية، إن البشارة بـ النبي موجودة فعلا عن اليهود، وهي اللي ساعدت على إنهم ما يمتزجوش بـ العرب، وحلت التناقض اليهودي، دي بقى حاجة حسب عقيدة كل واحد، ومسألة العقيدة مالناش دعوة بيها.

المهم، بـ مرور الوقت الوضع تحول شوية، والأمور مشيت أكتر في كفة اليهود، اللي تقريبا سيطروا على يثرب؛ اقتصاديا هم مسيطرين، والقبائل التانية لسبب أو لآخر كانت بـ تنقرض، يعني مفيش سبب واضح لـ انقراض قبيلة زي العماليق، بس ده اللي حصل. ده مش معناه إن العرب اختفوا، كانوا موجودين، بس أضعف وأقل كتير، وبرضه من غير نزاعات مع اليهود أو حروب.

ورغم ده، اليهود ما فكروش يدخلوا لعبة التجارة العالمية دي، أو يمكن فكروا بس ما نجحوش، التجارة برضه مكنتش سهلة. قريش لما اختارت التجارة، ما اختارتهاش علشان التجارة حلوة، لكن لأنها اختيار وحيد مالوش بديل، هم لا عندهم زراعة ولا غيره، علشان كده الوضع كان مختلف في يثرب.
فضل الموضوع على هذا الوضع لـ حد ما انهار سد "مأرب".

إيه سد مأرب ده؟
ده سد زي السد العالي كده، عملوه حكام مملكة سبأ في اليمن قبل الميلاد بـ تمان قرون، وتعرض لانهيارات في القرنين الخامس والسادس الميلادي، لـ حد ما انهار خالص تقريبا سنة 575.

وإيه علاقة انهيار سد في اليمن بـ العرب واليهود اللي في يثرب، وده هـ يوصلنا ازاي لـ هاشم؟

تابعونا