مصر..هذه لست انت

مصر العروبة والثورة والفكر والتاريخ ،هل تقبل على نفسها ان تكون واحدة في سرب الممالك والمشايخ والأقطاعيات والثروة الفاسدة .
هل تستبدل مصر الحضارات والعلوم بموقف تاريخي مشوه تقوم فيه بضرب شعب اليمن ،شعب عربي لم يعتدي على احد ولم يحتل اراض من احد وكل ما قام به هو شأن داخلي .
هل تستبدل مصر صفتها الوطنية ودورها القومي وتاريخها النضالي بالسقوط في الكيس الخليجي .
هل ترضى لنفسها استبدال دورها ومكانتها العالمية لتنضوي تابعة لمشايخ عفى عليها الزمن وتجاوزتها الحياة ،تموت فيها الديمقراطية وتورث فيها السلطة ،ويزوّر فيها التاريخ .
هل تنسى انها سد العرب المنيع بوجه الصهيونية رغم كامب ديفيد ورغم التطبيع ،وهي ثقافتهم ومقياس تقدمهم وهي المرفأ الآمن الذي يهرولون  صوبه في المحن ،عندما كانت تحتل دورها الريادي في طليعة العرب .      وبنظرة سريعة الى صفحات التاريخ القريب نجد أن مصر كانت مستهدفة دوما" ، ففي عهد محمد علي ( مؤسس مصر الحديثة  ) شنت دول أوربا حربا" ضد مصر من أجل أخضاعها ،وكانت تحالفاتها تلك شبيهة الى حد بعيد  بتحالفاتها المريبة في عصرنا الحالي ، فهل ترضى مصر ان تكون جزء منها .
   اين ثورة 25 يناير :
نسائل شعب مصر : ماذا لو تدخلت دول خارجية في ثورة مصر بعد ان قدم الشعب المصري الشهداء والقرابين في مذبح الثورة والحرية ،وماذا لو رفضت هذه الدول تنحى مبارك وطالبت  بعودته الى السلطة  ،هل كان شعب مصر يقبل بهذا ؟
قد لانستغرب ان تصطف الممالك في هذه الحرب الخاسرة تاريخيا ً ،ولكننا نستغرب لك يامصر ، لأننا عرفناك منذ ولدنا لست كهذه التي نراها اليوم ،بل عرفناك مصر الحرية والأفكار المتنورة التقدمية ،وكنت السباقة الى التنوير قبل كل العرب ،فلا تنسي انك مصر عبد الناصر !
الشعب المصري الذي حقق الأعجاز بأطلاق ثورتين جبارتين في زمن قياسي وأستحق الأعجاب حقا ً ولا عجب فهو شعب الحضارة والتاريخ والبطولة ، لانعتقد انه يرضى أن يقولب بقالب فئوي جديد يعيده الى الوراء ،فيما هو ذاهب بقوة الى الأمام  .
الثورات العربية والكيس الخليجي :
     إذا ما اخذنا بنظر الأعتبار أن  ربيع العرب ، مع أنه غير رؤساء وحكومات ، لم يجلب لحد الآن للعرب سوى الخراب وضياع الأمن وغياب الثقة في المستقبل بسبب التأثيرات الدولية وسهولة تأثيرها في الصراع وتوجيهه من الوجهة الوطنية الذي ينطلق بدءا" باتجاهها ،إلى الوجهة التي تخدم مصالح الدول الكبرى المتنفذة اليوم في الساحة الدولية ،وهذا يحصل بسهولة  في كل أقطار العرب بسبب بساطة الإمكانيات التي يمتلكها الثوار ،وضخامة ما يمتلكه الحلفاء في الجانب الآخر وخاصة ( الكيس الخليجي ) الجاهز على الدوام لتخريب الطموحات الوطنية وتغليب التوجهات المتطرفة التي لاتخدم القضية العربية والإسلامية .
واذا كان العرب ينشدون مصالح العرب فلينظروا الى مافعلوا بدولهم مثل ليبيا والعراق وسوريا واليوم في اليمن ،التي سيسلمونها لقمة سائغة للفتن والأرهاب كما فعلوا بسابقاتها ،اما اذا كانوا قد احسوا بالشجاعة فجأة ،فعليهم ان يتجهوا الى تحرير القدس وذاك واجبهم الشرعي والوطني والقومي الحقيقي الذي لا يلومهم عليه أحد .