أيها المواطن : كل مصائبك من أيدك

 

يؤكد التاريخ أن المواطن يصنع قدره بنفسه وينسج المتغيرات بذاته ويحقق هويته وشخصيته بإرادته . المواطن المتوج بوعي ثاقب لا يتقاعس عن أداء دوره التــاريخي لأنه يقف على تراث شـــــامخ يؤهله على تحقيق مســــــــتقبله المشرق .

 

أقول :-  لنفرض جدلا أن المواطن في جميع الانتخابات الماضية لم يقرأ بوضوح أوراق الألاعيب السياسية ، والممارسات الذاتية والنفعية للبعض ، وانطلت عليه أساليب الخداع والنفاق ولم يستفيد من الرصيد الهائل من التجارب والحقائق التي أنارت له كل الدروب والمنعطفات .. ولم يأخذ العبرة من كل التجارب المرة التي عاشها في المرحلة السابقة التي أفرزت الفواجع والمهالك والأزمات والمعضلات .. وتضخمت فيها الأورام السرطانية كالرشوة والمحسوبية والبطالة والصعود على أكتاف الآخرين  والمزايدات ألا وطنية والتبجحات الكاذبة .. وتفشت الصراعات والتشاحن والتطاحن من اجل المصالح الذاتية والمأرب الشخصية  ..  وهيمنت الحزبية الضيقة وانصرف البعض من الذين وصلوا للبرلمان بصوت المواطن عن مصالح الشعب وانغمس – هذا البعض –  في مستنقع المنافع التي مزقت المواطن وتركته فريسة سائغة للأنانيات ونهب المال العام والاختلاسات المفضوحة التي مارسها الذين تركوا الشعب المقهور يتضور جوعا ويفترش بساط الفقر الموجع ،  والفاقة القاتلة ،  والأمراض المهلكة ،  واليأس المطبق ،  فأضحى العراق بين متخوم بالمنافع والمكاسب ،  ومحروم من كل الامتيازات التي تنعم بها البعض من الذين  تربعوا على  كراسي البرلمان وتركوا المواطن المنكود يتمرغ على الجمر . أذن مر المواطن عبر التمرحل الزمني بامتحانات وانتخابات عسيرة امتزجت بظرف عصيب وملتهب  يفرض عليه أن يعانق الجرأة والصراحة ويلتصق بالصدق ،  ويجاهر بالحقيقة ويلتزم باختيار الإنسان النظيف والشريف الذي يؤمن بالأمانة ويعمل من اجل إسعاد من ائتمنه على صوته ورأيه في الانتخابات ،  ولا يهادن ولا يساوم على مصلحة المواطن وأهدافه الكبرى ، ويتمسك بعروة القيم والصراحة والمكاشفة  ، ويسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية ،  ولا تأخذه في الحق لومة لائم .. وان ينتخب – المواطن – حتى عدوه الشخصي إذا كان متجذرا بتربة الوطن ومصالح الشعب وطموحات المواطنين ،  وينأى عن انتخاب شقيقه وأخيه وصديقه ورفيقه في الحزب إذا كان غير مؤهل للمسؤولية وغير قادر على الانجاز والتغيير ،  ولا يمتلك الثقافة الوطنية والوعي المتألق والأخلاقية الرفيعة والدين الحقيقي الذي يلتزم بتعاليم الله وقرانه الكريم وبإرادة هذا الشعب الذي تحمل الويلات والمحن وينتظر المنقذ المشبع بالأصالة والقيم والوطنية المشرقة . قلنا في حينها إننا بهذه الصيغة نخلق برلمانا نموذجا يصنع قلائد الانجازات بل المعجزات فلا يلدغ المؤمن في جحر مرتين ،  ويكفينا ما ذقنا من هموم وغموم نريد لها أن لا تعود ولا تلبد سماء عراقنا الجديد من جديد .وجاء اليوم الموعود ليمارس المواطن دوره الانتخابي بنزعة وطنية ليفرز لنا برلمانا غارق بالنقاء والالتزام التام بالعراق أولا .. ويجب أن يكون زورق إنقاذ لشعبنا المترقب لغد وضاء  ترفرف في أفاقه رايات السمو والتالف والتآخي والتصافي والعدالة والإنسانية لأننا مللنا الشعارات المتهالكة ، وجزعنا من الوعود الخائبة ، ويأسنا من التصريحات الجوفاء  ، والممارسات الرعناء . وقلت : مع نفسي في يوم الانتخابات حان لليل أن ينجلي ،  واَن للقيود أن تنكسر ،  وان للتخبط والضياع أن ينتهي … فيا شعبنا المنكود لا ينقذك سوى قرارك الحاسم بمنح صوتك لمن يستحقه ولا يستحقه إلا الوطني المتمرد والساخط على التردي والانهيار والمهازل .. فلا الإرهاب ولا الترهيب ولا المكرة ولا الغدرة ولا الافاكين ولا الغادرين بقادرين على أن يلغوا إرادتك وصوتك فانك تخلق مستقبلك بوحدة رأيك وتلاحم أبناءك واندفاعك الجارف نحو التغير المنشود … لا تضيع فرصتك ولا تمنح صوتك وفق ما يمليه عليك الآخرون بأساليب الخداع والمخادعة والوعود التي في ظاهرها تفوح مسكا وعنبرا ،  ولكن في جوهرها تفرز العفن والنتن والذاتية والنفعية الشخصية ،  انك يا شعبنا العملاق قد امتهنت الكشف والفضح لكل المندسين والمخادعين والوصوليين والافاكين ،  وانك قد عرفت جيدا من هو الحقيقي ومن هو الدعي  ، ومن هو الأصيل ومن هو الدخيل ،  فلا خوف عليك إذا التزمت عراقيتك ووطنيتك ولا يسخرك المسخرون لأنك تمتلك بصرا حديدا وبصيرة متبصرة تقرا مابين السطور وماخلفها ،  وانك  – المواطن – خليق وجدير بان تظل سيد الموقف ، فكل الحكام زائلون وانك باق مابقي الدهر والتاريخ ،  وهذه حقيقية شاخصة لا يتجادل بها اثنان ،  ونحن ننتظر بلهفة وشوق قرارك الحاسم الصارم الناقم على كل الهياكل المنخورة والنفوس الصدئة .   إن الذي يحز بالنفس  ، ويدمي القلب أن المواطن أدرك بعد مرور سنة إلا شهور انه مخدوع وانخدع هذه المرة  كما خدع سابقا بشعارات بعض المرشحين للبرلمان وليعلموا أن في  قلب كل عراقي طوفان هائل من الغضب والندم .    انتخبهم المواطن وكان يعتقد أنهم يقاسموه الهم والمعاناة والأفراح ويتحملون كل ما يتحمله من ماسي وأوجاع والآلام .. وانكشفت العهود والشعارات الرخيصة ولم تعدو سوى زعيق مجاني ،  وادعاء تافه . فيا أيها المواطن لا تلوم إلا نفسك لأنك من صنعت هؤلاء .

 

هذا ما نقوله وإذا كان خطا أو خطل فليرد من يشاء والحرية مضمونة ومكفولة في العراق كما أظن واعتقد . وان شاء الله وبإرادتك اليقظة ستتهاوى شخوصهم في الانتخابات القادمة  وسينغمسون في وحل الاحتقار والازدراء .

 

ملاحظة مهمة :-

 

 استثني من كل ما تقدم كل برلماني نزيه وشريف ونظيف اليد والضميروعمل كل ما بوسعه من اجل الوطن والمــواطن .