ليالي قريش.. الليلة 20

لما بدأت انهيارات سد مأرب اللي في اليمن، الخريطة السكانية لـ شبه الجزيرة العربية حصل فيها تغيرات جوهرية، لأن فيه قبائل كتير كانت عايشة على المية اللي بـ يخزنها السد، فـ سابوا اليمن ودخلوا جزيرة العرب، أو عاشوا ع الخليج.

من القبائل دول قبيلتين واحدة اسمها الأوس، والتانية اسمها الخزرج، دول مشيوا من اليمن وسكنوا يثرب، على اعتبار يعني إنها أرض زراعية برضه، وهم مزارعين.

يبقى كده اليهود والعرب تبادلوا الأدوار، لما حصل السبي البابلي، اليهود جم يثرب على عرب كانوا قاعدين، والحكاية مشيت بـ سلاسة، لـ حد اليهود ما بقوا هم الأكتر والأقوى، دلوقتي فيه قبائل عربية جاية على اليهود اللي في المدينة.

الأوس والخزرج مكنش عندهم اللي يدفعوه أرضية زي ما عمل اليهود أول ما جم، علشان كده الوضع اختلف، اليهود قبلوا إنهم يعيشوا معاهم بحيث أولا يسكنوا في مناطق أقل شوية، وثانيا: يشتغلوا كأيدي عاملة في أرض اليهود. وده اللي حصل لـ فترة.

بس بعد شوية، الوضع ما بقاش كده، الأوس والخزرج كتروا وبقوا أقوى شوية، فـ بقى فيه تنافس بين التلات قبائل اليهودية والقبيلتين العرب، وبدأ يبقى فيه شوية احتكاك.

حاولوا كتير يوصلوا لـ صيغة سلمية يتعايشوا بيها، بس ما أمكنش. إذن هي الحرب، لكن ما عندناش أخبار عن حروب ضخمة، بس مناوشات واشتباكات كان فيها تفوق واضح لليهود.

ظهر واحد اسمه مالك بن العجلان، اتلم العرب حواليه ونلاقي مثلا في كتاب الأغاني لـ أبو الفرج الأصفهاني أساطير عن مالك، و"نضاله" ضد يهود يثرب، وطبعا الصورة مشوشة وفيها ضباب كتير، بس اللي نقدر نقول إن فيه اتفاق كبير عليه، هو إن مالك استعان بـ قوى خارجية في صراعه مع اليهود، والأغلب الأغلب إن القوى دي كانت من الغساسنة.

الغساسنة دول كانوا عرب برضه جايين من اليمن، بس سكنوا الشام، وكونوا دولة قوية، وعملوا حلف مع الروم، وخاضوا لهم حروب بـ الوكالة، وكانوا بـ يمتوا بـ صلة قرابة للأوس أو الخرزج أو للاتنين.

مالك بن العجلان استعان بـ واحد اسمه أبو جبيلة، المصادر العربية بـ توصفه بـ إنه "ملك على الغساسنة"، وغالبا هو مش ملك، يعني مسئول كبير أو حاجة زي كده، المهم إن لما مالك راح له، حكاله عن هوانهم وتفوق اليهود، فـ راح الراجل ما كدبش خبر، خد الرجالة وطلع على يثرب، وعلم على اليهود، فـ اضطروا يلتزموا الأدب، وعرفوا إنهم في الآخر ضيوف على العرب، حتى لو كانت أراضي يثرب كلها ملكهم، وهكذا خرج الأوس والخزرج من الحتة المحددة ليهم وانتشروا في يثرب.

اليهود طبعا كان عندهم "الخطة ب"، وبدال ما نحارب إحنا العرب، ما يحاربوا بعض، وأهو بـ المرة نشتغل إحنا في تجارة السلاح، ونبيع لهم السيوف اللي هـ يقتلوا فيها بعض.

اخترع اليهود حكاية الأحلاف دي، فـ "بنو النضير" و"بنو قريظة" عملوا حلف مع الأوس، و"بنو قينقاع" عملوا حلف مع الخزرج، وزي ما حضرتك متوقع بدأ الأوس والخزرج يدبوا في بعض.

كانت أول عركة، اشتباك محدود بـ يسموها حرب "سمير"، وبعدها فضلت الخلافات توسع والحروب بينهم تزيد.

اللحظة اللي عمل فيها هاشم بن عبد مناف الإيلاف، كان هو ده الوضع في يثرب: 3 قبائل يهودية رئيسية، وقبيلتين عرب، والعرب بينهم ما صنع الحداد، واليهود بـ يبيعوا لهم السلاح ويدوهم بـ الربا.
هاشم بقى اتصرف ازاي في ملف يثرب، بـ الشكل اللي يحفظ الإيلاف؟
هو ده اللي هـ نشوفه الحلقة اللي جاية

تابعونا