ربما نصل في الحياة الى طريق مسدود أحياناً، لكن بالتاكيد هناك مفترق طرق في النهاية يكون احد هذه الطرق يؤدي الى الحل، واطلاقاً لن تبقى في اي حال من الأحوال القضية والمشكلة والإزمة دون ان نجد طريقاً للعلاج والحل وتفكيك العقد والصعوبات، الفصل والحكم في الحل يحتاج لدراية ومعرفة في كل الميادين والجوانب كافة، ولعل اصحاب الفكر والأدب والثقافة والعلم نجد في ارائهم وما يطرحوه تنبيهاً وعلاجاً لما يعانيه المجتمع وعامة الناس . الاعلام والصحافة تقدم خدمة مجانية للسلطة والدولة والحكومة، بحكم المسؤولية والالتزام المهني والاخلاقي وعلى الطرف الأخر الانتباه لما يطرح قبل ان يصل الحال لمفترق الطرق، كون المواطن يأن ويعاني ويبتغي حلاً، القضاء في العراق منذ الآلاف السنين شاهق عملاق مستقيم بالعدل والانصاف وإحقاق الحق، لكننا اليوم نواجه معضلة وصعوبة بالغة في نقاط يجب التوقف عندها وتستوجب التأني والصبر والحكمة والمراجعة، ورئيس القضاة يكرر باستمرار انه يسمع من صحافة الفكر والمعرفة والأدب والثقافة . بصورة متواصلة تصدر السلطة القضائية احصائيات بنِسَب الحسم والانجاز للدعاوى بالمحاكم، لكن هل هذه النسب لدعاوى انتهت واكتسبت درجة البتات القانونية، حيث ما زال عدد كبير من الدعاوى دون حسم نهائي ويطعن وتنقض لمرة وأحيانا لمرات عديدة وتعود من جديد، وهذا يعني ان نسب الحسم الصادرة قد تكون لدعوى متكررة دون ان تجد طريقا للحسم البات، والمواطن يأن والقضاء يصدر نسب حسم !، ومهم للغاية حسم الدعوى وجعل عامة المجتمع يتكلم بسرعة عدالة القضاء . نقطة مهمة للغاية في دعاوى مضى عليها سنوات ونسأل رئيس القضاة لماذا وصلنا الى هذا الحال ؟، وأين القدرة العالية لقضاة الامس المقتدرين والذي بالتاكيد هو واحد منهم بحكم السن القضائي الذي أمضاه في المحاكم وتدرج وتنقل في كافة مفاصلها، ولعل البحث والاستقصاء والتحليل الذي خرجنا به هو الاجتهاد وتضارب القرارات الابتدائية والتمييزية المتكررة الى ان تصل الدعوى لطريق صعب وأحيانا مسدود ويقع الناس الضحية ويبقون يتنظرون لفترة من الزمن تصل لسنوات، وتبقى نسب الحسم التي تصدر دوريا استغرابا للمتابعين واصحاب القضية . باتت الناس تبتعد قدر المستطاع عن دور المحاكم التي اطلق عليها قبل فترة دور القضاء وقبلها العدالة، واختلفت التسميات لكن العدل لم ينصف في القضاء، ولا نلجأ اليه الا في حالات الضرورة الملحة للتي تستوجب ورقة قانونية او حكماً قضائياً، والسبب عدم ادراك القضاة لمعاناة الناس وضروف الحياة وما مر به المجتمع العراقي من أزمات ومحن وويلات وكوارث، حيث التفسيرات والاراء المختلفة في اكثر من قضية تتشابه لكن الاّراء مختلقة متناقضة، ولعل التفسير الذي يوجد بالنصوص القانونية حيث المادة الواحدة فيها اكثر من تفسير . نريد عملاً وحلاً وحسماً حقيقياً لا قصص وتقارير واخبار مثل القصص والحكايات والروايات، فالإنصاف بالمعالجة لا بالبياتات والجميع يعلم ان هناك مشكلة في القضاء نفسه، رغم ان القاضي يدرس اكثر من عشر سنوات بين كلية القانون والعمل القانوني في المحاماة والوظيفة القضائية والمعهد القضائي الذي يواجه اختبارا صعب الاجتياز، ومع كل ذلك مازال الشخص الذي يجبر على اللجوء للقضاء يريد شيئا واحد فقط هو ان يستمع ويفهم القاضي الدعوى وجوانبها ويقرئها بدقة كون الكثير من القضاة يثيرون لدينا الاستغراب والعجب ويبتعدون تماما عن جوهر القضية وتودي الى بقاء العديد من الدعوى دون نهاية . قد يتعرض القاضي للضغط لكن الخبرة والثقافة القانونية تجعله يخرج بذكاء من الضغط أياً كان سياسيا ام اجتماعيا خاصة ان الدستور واضح بأن القضاء لا سلطان عليه غير القانون، لكن هناك قضايا اطرافها شخصيات سياسية شهدت تدخلات مختلفة وجدت نهاية سريعة، فيما بقى المواطن البسيط ينتظر تدخل القدرة الإلهية لتنتهي قضيته وهذا واقع وحقيقة لايمكن نكرانها كون البلاد لم تصل بعد الى الاستقرار وما زالت تعاني من التطرّف والارهاب والجماعات المسلحة . يقف في باب كل قاضي حماية مع سلاحه داخل بنايات المحاكم وهذا خطر على القضاء، وياخذ الطلب من المراجع او يأذن بالدخول وهذا لا يجوز، وللاسف حالة سلبية للغاية ومخالفة للقانون والحمايات تبقى خارج المِحكمة وليس التواجد في داخلها، والشارع يعاني من تجاوزت الحمايات الاستفزازية فكيف في دور العدل والانصاف، وايضاً هناك تكبراً وتعالياً من بعض القضاة على الناس وتعامل غير لائق يخرج عن القيم السماوية والاعراف الاجتماعية . نحتاج لمراجعة قضائية شاملة ووصايا وإعادة تأهيل للقضاة كافة من الصنف الرابع حتى الصنف الاول والممتاز لمكانتهم الخاصة بالمجمتع، والتذكير باستمرار ان “القاضي بين سنامين” وضرورة ان يصيب دائما ويبتعد عن الأخطاء بالمتابعة والتأني والقراءة لكل كلمة وورقة في الدعوى، والقانون العراقي مرن يجد الحل اليسير دون تعقيد، والإجراءات التي لاتوثر على مجمل الدعوة وتكون النتيجة واحدة في النهاية يجب تداركها وعدم اطالة الزمن، كون الانسان يتوقف مصيره على النطق بالحكم وليس الانتضار سنوات يتوقف فيها رزقه ومسار حياته . دوما كنّا وما زلنا عونا وسندا للقضاء والقضاة، لا نتكلم الا للضرورة الملجئة التي تستوجب التوقف والكتابة وتقديم التحليل والاستنتاج، ويبقى الأمل بقدرة القضاة المسنين منهم والشباب على السير بالوطن الجريح نحو مستقبل افضل ويجعلوا من كل شخص يدخل ويلجأ للمحكمة الأب والام والأخ والاخت .
|