حزب الدعوة يشكل قوة عسكرية عالية التجهيز والتدريب ترتبط به لتنفيذ المخططات التقسيمية البريطانية والأمريكية في العراق

بغداد – في محاكاة عراقية لما يسمى "فيلق القدس الإيراني" المدعوم من الولي الفقيه والمرتبط به مباشرة، ينشط حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه نوري المالكي ومنذ فترة ليست بالقصيرة على إعداد فيلق عسكري يرتبط به ويكون مدرب ومجهز على أعلى مستوى ليكون الذراع القوية الضاربة، لتحقيق المصالح البريطانية والأمريكية في العراق.

فحزب الدعوة وإستجابة لمطالب وخطط بريطانية وأمريكية ونصيحة إيرانية، قرر رعاية ودعم قيادة مكافحة الارهاب وربطها به كقوة عسكرية غير نظامية يستطيع من خلالها فرض الأمر على الشعب العراقي، حتى تحولت هذه القوة المتعاظمة إلى كيان عسكري اقوى من الجيش النظامي العراقي، وهي ذات الصورة الموجودة في إيران عندما حول الولي الفقيه (علي الخامنئي) فيلق القدس المرتبط به إلى قوة أقوى بكثير من الجيش النظامي الإيراني، حيث يتمتع بالدعم المادي واللوجستي والتدريب، والتي ربما لا تتوفر لدى الجيش الإيراني النظامي.

وقال محللون عسكريون عراقيون أن حزب الدعوة الذي يتزعمه نوري المالكي يعمل على تشكيل قوات مكافحة الإرهاب ودعمها كقوة غير نظامية وغير دستورية، خارج تشكيلات وزارتي الدفاع والداخلية وجعلها مرتبطة مباشرة بمكتبه، وهي تنفذ عمليات واسعة بلا اي غطاء قانوني، من أعتقالات وأغتيالات وأعمال تفجيرات.

وأكدوا ان "تلك القوات اصبحت جهازا اكبر من فيلق، خاصة أن قوامها فاق العشرة افواج تنتشر في عشر محافظات عراقية، وبات لهذه القوة العسكرية اكاديمية وطبابة وتموين ونقل وتجهيز وطائرات هليوكوبتر، بالضبط على غرار الحرس الثوري الايراني".

واشاروا الى ان ارتباط الجهاز محكوم حصرا بمكتب نوري المالكي بأستثناء الامور المالية التي تتولاها وزارة الدفاع التي لا سلطة لها حتى ولو على جندي بسيط في الجهاز الذي نشر اكبر افواجه في ديالى وكركوك والموصل المعروفة بالمناطق المتنازع عليها".

وبينوا انه "بعد تشكيل قيادة قوات دجلة التي تتولى الاشراف على الوضع الامني في محافظتي ديالى وكركوك، أمر نوري المالكي بصفته القائد الاعلى لجهاز مكافحة الارهاب، باحياء قاعدة "كي وان" الجوية وان يقوم قائد طيران الجيش حامد المالكي،  بتحويل "مركز تدريب كي وان" الى قاعدة تضم عشرات الطائرات العمودية الامريكية والاوروبية والروسية المسلحة". وأن تتبع هذه القاعدة مباشرة لجهاز مكافحة الإرهاب بشكل حصري.

وكان أخر تشكيلات هذا الجهاز ما تسمى قيادة عمليات دجلة التي تم نشرها في المناطق المتنازع عليها في ديالى وكركوك وعدد من المدن الأخرى، وإدارة ملف الصراع مع الأكراد بهذه القوة العسكرية الغير نظامية. فضلا أنها تعمل على تنفيذ ماتطلبه منها بريطانيا وأمريكا في إثارة الفتن والإقتتال الطائفي في البلاد.

وقال محللون سياسيون أن حزب الدعوة يدرك جيدا أهمية المناطق المتنازع عليها في ديالى والموصل وكركوك بالنسبة للأكراد، وموقعها من التفكير الإستراتيجي الكردي، وبالتالي فهو يعمل على ممارسة المزيد من الضغط على الأكراد من خلال تشكيل هذه القيادة التي أوكل لها مهمة ربط محافظة ديالى بكركوك أمنيا وعسكريا، حتى يدفع الأكراد للمزيد من الخطوات التصعيدية نحو الإنفصال عن العراق.  

واضافوا ان حزب الدعوة ومن ورائه نوري المالكي، أشعل من خلال هذه القوة العسكرية الجديدة نار صراع جديد في بلاد الرافدين وهو صراع السيطرة على المناطق المتنازع عليها ومن الممكن تطور هذا الصراع قريبا، إلى حرب شاملة تفضي إلى عملية تقسيم البلاد إلى دول متعددة وهو المشروع البريطاني الصهيوني الأمريكي الذي يجري تنفيذه في العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم ويديره بشكل مباشر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق الصهيوني هنري كيسنجر.

ورفض الأكراد تشكيل هذه القوة العسكرية التابعة له، وشككوا في أهداف هذه الخطوة وحذروا من التلاعب بملف المناطق المتنازع عليها. وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني شوان محمد طه في تصريحات سابقة أن توقيت إعلان تشكيل هذه القوة العسكرية يثير الكثير من الاستغراب، مبينا إن "قضية تشكيل قيادة عسكرية جديدة باسم قيادة عمليات دجلة هي في الحقيقة ليست جديدة بل الجديد والمريب في الأمر هو توقيت إعلانها مع تصاعد الأزمة السياسية، ولاسيما أنها تتعلق بالمناطق المتنازع عليها طبقا للدستور العراقي".

وأضاف طه أن "أمر تشكيل هذه القيادة العسكرية إنما يعود إلى شهور خلت ولكن تم الإعلان عنها الآن وهي تعني ربط كركوك بديالى، أي الفرقة 12 بكركوك بالفرقة 5 في ديالى، وكلتا المنطقتين متنازع عليها، ولاسيما في ظل أزمة التفرد بالقرار العسكري والأمني من قبل دولة القانون، وهو ما يجعل المسألة ليست قضية عسكرية بحتة ذات طبيعة إجرائية وإنما هي أبعد من ذلك بكثير".

وأضاف طه أنه "إذا كان يريد القائد العام للقوات المسلحة معالجة المشاكل السياسية بنشر القوات المسلحة في المناطق المتنازع عليها، فإن هذا يعني في الواقع تأجيج هذه المشاكل وليس معالجتها".

ويتكون الجيش العراقي الحالي من 15 فرقة عسكرية معظمها فرق مشاة يقدر عدد أفرادها بنحو 350 ألف عسكري، ويملك ما لا يقل عن 140 دبابة "أبرامز" أمريكية حديثة الصنع، إضافة إلى 170 دبابة روسية ومجرية الصنع، قدم معظمها كمساعدات من حلف الناتو للحكومة العراقية، والمئات من ناقلات الجند والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، فضلا عن عدد من الطائرات المروحية الروسية والأمريكية الصنع، وعدد من الزوارق البحرية في ميناء أم قصر لحماية عمليات تصدير النفط العراقي. كما يقدر عدد منتسبي وزارة الداخلية بنحو نصف مليون منتسب يتوزعون على عدة تشكيلات أمنية، هي الشرطة الاتحادية، وهي قوة عسكرية تتكون من أربعة فرق تضم كل واحدة منها عشرة آلاف جندي مجهزة بلواء مدرع، فضلا عن أفواج الطوارئ ولواء الرد السريع، كما يتكون جهاز مكافحة الإرهاب المرتبط بمكتب نوري المالكي الخاص من عشرة آلاف جندي، وهو جهاز يضم عددا من الوحدات الخاصة القادرة على مكافحة التمرد.

وكانت القائمة العراقية التي يترأسها أياد علاوي والتحالف الكردستاني، طالبوا في أوقات سابقة وخاصة خلال فترة تصاعد الأزمة السياسية بينهم وبين المالكي ودولة القانون على عدم ربط جهاز مكافحة الإرهاب بالمكتب الخاص لنوري المالكي. وقال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية والنائب عن التحالف الوطني عبد الستار كوردز البيضاني في تصريحات سابقة، أن القائمة العراقية والتحالف الكردستاني يطالبون بعدم ربط جهاز مكافحة الإرهاب بنوري المالكي، فيما يرى التحالف الوطني عكس ذلك.

وتشكل جهاز مكافحة الإرهاب بقرار من مجلس الوزراء العراقي في العام 2008  وهو يرتبط بمكتب نوري المالكي ويضم أكثر من  عشرة آلاف جندي ويتألف من وحدات خاصة قادرة على مكافحة التمرد من ضمنها قيادة العمليات الخاصة. ويعمل الجهاز على محورين، وهما الإجراءات الوقائية والرادعة. ويتمثل الجانب الوقائي من عمل الجهاز في مراقبة غسيل الأموال والمناهج الدراسية والحوالات من العراق وإليه، ومواجهة الفكر الإرهابي ثقافياً، وإنهاء البطالة ودعم الأسرة. فيما يرتبط عمل الجهاز في الجانب الردعي على تفكيك الخلايا الإرهابية عسكرياً.