سألعب معكم اليوم نفس اللعبة التي جئتُ عليها عند أوشال السنة الفائتة . هي ليست مثل حية ودرج ، إذ تبلعك الأفعى وأنت تهلهل على عتبة خط النهاية ، بسبب رمية نردٍ تعيسة . سيحدث الآن قطعٌ مُريحٌ في النصّ المنوي تشكيلهُ . أستعيد اللحظة مدرستي الإبتدائية على إيقاع مشية نؤاس وعلي الثاني ، وقد زرعا حقيبتيهما الثقيلتين فوق ظهرهما . أصل بهما إلى باب المدرسة العالي ، لكنني هذه المرة ، لم أجد سلمان أبو اللبن وعبدالله أبو العمبة ، ولا الحارس أبو نجم الذي يمسح وجه حصانهِ المنتج لنصف خبز العائلة . سأسترخي قليلاً وأصنع فنجان قهوة وأشعل قلبي بضبّة سكائر ، ثمّ أرجع إليكم كاتباً ما تبقى . ألقهوة المرّة أطيب من القهوة الحلوة ، وباكيت السكائر مكتوب على وجههِ وقفاه ، أنّ التدخين يدمّر العافية ويسرطن الجسد ، لكنني أواصل بلع الدخان بشهقة مَن يبوس يد عزرائيل . قبل سنة أفتيتُ بوجوب وضع الثوم في قدر الباميا ، وأردفتُ أنّ إضافته إلى قدر الفاصوليا اليابسة أمر غير محبّب . أليوم أدعوكم لرميهِ في القِدْرين ، لأنّ الفوائد والطعوم إنما تحصل بالمصادفة . هذا لايعني أنني أدعو لمواءمة تأريخية بين الثوم وقدر الطرشانة . ألبارحة كانت درجة الحرارة عشرين ، واليوم ارتفعت إلى إحدى وعشرين . قبل يومين وليلة ، مات الكناري الجميل خاصّتي . دفنتُهُ بكيس نايلون شفّاف وألقيت على جسده العاطر نظرةً خاوية . كنتُ أظنّ أن ليس بمستطاعي بعد الآن الإنصات لغنائهِ الذي يفيض على خمسة مقامات ، لكنّ الذي وقع كان أقرب إلى عقوبة زائدة . أكاد أسمع عزفه وخبط جناحيه اللحظة ، كلما دلفتُ إلى الشرفة ، وهو ينطلق من القفص الساكت مثل مقبرة مسائية . لقد مات وحيداً مستوحشاً وبارداً . غداً سأبيع القفص وأوقف نزف قلبي . فنجان القهوة بارد مثل مؤخرة سقّاء . ليوسف العاني تمثيلية جميلة اسمها عبّود يغنّي . ألتمثيلية أحسن من المسلسل . أنا أكره الناس الذين يشاهدون مسلسلاً من سبعة آلاف حلقة وحلقة . أفكّر بتعديل نظري بوساطة تقنية الليزر المشهورة ، لكنني أخاف من أن يرتكب الطبيب غلطة شاطرٍ فيعميني . بناء قصيدة نثر أسهل من بناء قصة قصيرة . ألطبّاع محمد الوحش كرّمني فأحسن تكريمي . أوميد رسّام موهوب طيب ، يشيل تحت خشمهِ شاربين تقدران على حمل سبعة صقورٍ وبومة . لماذا تأخّر كمال العبدلي ؟ سأطير الآن إلى المطبخ وأعمّرُ كأسيَ الأخيرة . لا تذهبوا بعيداً .
|