خامس المستمسكات

 

همّ جديد أُضيف  إلى أعباء العراقيين المغضوب عليهم  باستحصال تأييد وصحة صدور كتاب من دوائر الكهرباء  يؤكد أن حامله قد دفع أجور قوائم الكهرباء الوطنية ، وليس بذمته أي مبلغ  لقاء حصوله على الطاقة ، وإعلان البراءة من الديون أصبح شرطا لإنجاز أية معاملة رسمية بموجب قرار  حكومي صدر مؤخرا   للضرب بيد من حديد على من يتجاهل دفع حق الحكومة مقابل خدماتها "الجليلة للمواطنين" . 
القرار جاء متزامنا مع  تقليص ساعات القطع ،  نتيجة قلة  استهلاك الطاقة  هذه الأيام بعد التخلّي عن المدافىء الكهربائية ، وربط القضية بإنجاز المعاملات كغيره من القرارات الأخرى ، أثار التساؤلات والاستفسارات التي وصلت إلى حد السخرية ، فالعراقي يعد الكهرباء  عدوه اللدود  ، خاصمها منذ زمن بعيد ، واتسعت الفجوة بين الطرفين ، عندما تبددت  الأموال المخصصة  لتطوير محطات الطاقة  بين الشركات الوهمية ، والفساد المالي ، والاختلاس ،  وبسبب العداء التاريخي ، توجه عباد الله إلى أسلوب آخر للحصول على الطاقة من أصحاب المولدات الأهلية وهؤلاء فرضوا شروطهم في تسعيرة الأمبير الواحد ، وخضع الجميع لها في ظل  تراجع خدمة "الوطنية"  أي كهرباء الحكومة . 
 القرار الجديد سيجعل العراقي يحمل هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية وبطاقة السكن وشقيقتها التموينية ، وأضيفت  إليها الوثيقة الخامسة براءة الذمة من "الديون الكهربائية" ، وهذه الوثائق" المقدسة " هي مفتاح إنجاز أية معاملة حكومية ،  ومن امتلكها سيكون صاحب الحظ السعيد ، والبخت الكبير ، في الحصول على استحقاق إنجاز  معاملته بحسب الأصول  بأسرع وقت وسط ترحيب  واحترام الموظفين ، ومعظمهم تفرغ هذه الأيام للترويج لمرشحي أحزابهم للانتخابات . 
خامس المستمسكات  سيجعل مراجعي الدوائر  يتوجهون إلى دوائر الكهرباء بأعداد كبيرة للحصول على البراءة من الديون ، ومراجعة "الدواير" على حد قول الحاج راهي ، المعروف عنه في منطقة  البياع انه صاحب مزاج رائق على الدوام على الرغم من المصايب التي  تعرض لها  طوال سنوات عمره الذي تجاوز السبعين ،  وسلوكه ينسجم مع اسمه فهو  يتعاطى مع المشاكل برهاوة ، لا يعرف الغضب ، في أشد الظروف ، إلا في حالات نادرة جدا ، وعندما سمع بقضية خامس  المستمسكات ، أطلق صرخة استغاثة ، فأثار استفسار  الحاضرين من حوله في مقهى يقع في منطقته ، وبعد الاطمئنان على وضعه ، دخن سيجارة ضاربا عرض  الحائط تعليمات الأطباء ونصائحهم بالابتعاد عن التدخين للحفاظ على سلامة قلبه المعطوب،  بفعل أحداث مر بها سابقا أججتها الوثيقة الخامسة  ، وللمرة  الأولى يكشف عن همومه ، عندما قال انه أمضى أكثر من  ثلاثة أشهر للحصول على  راتب تقاعدي لأيتام ابنه الأكبر احد منتسبي الشرطة الاتحادية،  قتل بحادث تفجير سيارة مفخخة  قبل أكثر من عام .
راهي أبدى استعداده لمراجعة دائرة الكهرباء للحصول على براءة الذمة من الديون ، ودعا الحكومة  لان تكون أكثر "رهاوة "في استحصال ديونها وطالبها  في الوقت نفسه بملاحقة وزير الكهرباء الذي "  هرب بالدخل"  وفضل الإقامة في الخارج ليتخلص من ساعات القطع المبرمج  للوطنية .