دعايات انتخابية

 

من سمة الانسان بصورة عامة البحث عن الثناء والمدح والاعجاب من الاخرين والتميز على الاقران والمنافسين باشياء تجعله مختلفا بشكل ما او متفوقا بشكل ادق فحب الثناء طبيعة الانسان كما قال الشاعر.. ولطالما كانت لجنون هذه الرغبة الكثير من النتائج الكارثية والمأساوية على دول ومجتمعات بأكملها بعدما انساق حكامها وراء حلاوة المديح الكاذب والثناء المدفوع الثمن والشواهد على هذا في العراق لا تحتاج الى تذكير لمن تدبر الامر بروية وانصاف ..اقول هذا الكلام في اطار قراءة سريعة لملصقات الدعايات الانتخابية التي ملئت شوارع ديالى والمحافظات العراقية الاخرى وهي تتنافس فيما بينها من اجل كسب صوت الناخب وربما بعبارة اصح(خداع المواطن) والتي لم تعتمد برنامجا انتخابيا معينا او خطة ابداعية او فكرة عبقرية تنتشل المحافظة من واقعها المزري(خدمات وفساد وبطالة) بل اختصرت الموضوع بترويج بدائي عشائري طائفي مناطقي حزبي فقط ! وليس اغرب من لجوء الكثير من المرشحين المتهافتين على الفوز الى طرق واساليب تكشف ان مبدأهم الاساس في خوض الانتخابات هو ان (الغاية تبرر الوسيلة)..فهذا مرشح يزعم ويلمح ان اسمه ورد في القرآن الكريم وانه لديه تخويل وتوصية الهية بانتخابه دون غيره ويرفق ايه قرآنية مع صورته!..وهذا مرشح يكلف احدى قريباته بحمل مصحف (وتحليف) النساء بأنتخابه ..ونائبة برلمانية تضع صورتها مع زوجها وتقول (انتخبوا زوجي ابوفلان).. واخر يصنف تخصصاته ويكتب تحت صورته بأنه اداب انكليزي واحياء مجهرية وعلوم حاسبات وتطوير زراعي!! يعني سبع صنايع..واما صاحب شعار (محافظتي اولا) فلا تعليق فقد اختصر الموضوع منذ البداية..ونفس الكلام يقال عن وعود التغيير والاصلاح بدون بيان اليات او برامج او خطط توضح رؤية هذا المرشح للتغيير المزعوم سيما وان البعض يرى التغيير بمنظور شخصي جدا ولا يهمه الا الحصول على قطعة من الكعكة الجديدة التي لا تقتصر على الراتب الفخم وافراد الحمايات والسيارات المونيكا!!بل تتعداها الى محاربة الفساد بالطريقة العراقية الشهيرة!! ..نعم نقرأ ونسمع ونشاهد الكثير الكثير من الشعارات التي يعرف اصحابها قبل غيرهم انها جعجعة بلا طحن وانها للاستهلاك الاعلامي فحسب فمن يريد ان يخدم الناس حقا وصدقا ليس شرطا ان يكون في موقع المسؤولية ويستلم مرتبا بالملايين بل فليبدأ بشارعه ومنطقته ثم لينطلق باحثا عن مسؤولية اكبر فخدمة المجتمع عمل طوعي اولا واخيرا!..ولعل من المفارقات الطريفة ان الموسم الانتخابي في الدول المتقدمة يبدأ الاعداد له بعد الفوز بالانتخابات واستلام السلطة ويعتمد تحقيق انجازات ووعود لا مناص من التراجع عنها او الاخلال بها لانها معيار نجاحه امام ناخبيه ويختمه بأنجاز مدوي يعطيه دفعة انتخابية امام منافسيه فيما نجد ان ان الاحزاب العراقية يبدأ موسمها الانتخابي قبل الانتخابات بـ3 اشهر وتجد ان اغلبها قد غير اسمه وشعاره السابق ودخل بمسميات جديدة وملصقات وشخصيات على الموضة!! وقد كنا في غنى عن هذا الحديث لو التزم الاخوة المرشحين الـ392 بمعايير الذوق والعقل والمنطق وقدموا للناس لمسات عصرية في دعاياتهم او اعمال خيرية تغني عن الكلام او افكار ومشاريع تمنح المواطن بارقة امل بغد افضل ولكن كل هذا لم يحدث ودعاية الاخوة المرشحين بقيت تدور في فلك(انتخبوني) بل ان احدا منهم لم يفكر بايقاف حملته الانتخابية حدادا على ارواح شهداء التفجيرات الارهابية الاخيرة وبعضهم لم يشر اليها مجرد اشارة او حتى تعزية (من باب النفاق السياسي) لكنهم عجزوا حتى عن هذا الموقف البسيط ..ومن احوج الناس الى ذمه..ذموه بالحق والباطل..