تقارير إعلامية ترصد دورا خفيا لتوني بلير في عقود نفطية كبيرة في كردستان

بغداد – عاد الحديث من جديد حول دور رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الخفي في المنطقة وإثارة الأضطرابات السياسية والإقتصادية في دولة المنطقة، فضلا عن إدارة الملفات الإقتصادية لصالح تنفيذ المخططات البريطانية في المنطقة بصورة عامة والعراق بصورة خاصة، ولكن هذه المرة من باب العقود النفطية بين الشركات الأجنبية وحكومة إقليم كردستان العراق.

ونشرت العديد من وسائل الإعلام العربية والأجنبية في الفترة القليلة الماضية أخبارا عن وجود دور غير مباشر لتوني بلير في ترتيب صفقات بين الشركات النفطية الكبيرة وخاصة البريطانية والأمريكية مع حكومة إقليم كردستان العراق، وأنه تحصل على الكثير من عمولات مالية ضخمة نتيجة لتلك الصفقات. إلا أنها لم تبين طبيعة تلك العقود وأسماء الشركات النفطية العالمية المشاركة في تلك الصفقات النفطية الضخمة.

وقالت الأخبار والتقارير الأجنبية أن الشركات الإستشارية التابعة لبلير تبذل جهودا كبيرة من أجل أخفاء أخبار الصفقات الكبيرة التي دخل توني بلير كوسيط بين شركة النفط الكورية (UI Energy Corporation)، مع السلطات المركزية العراقية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، وحصل بموجبها على عمولة تقدر بالملايين من الدولارات الأمريكية.

وكان بلير حصل على الكثير من العمولات المالية من الكويت لدوره في التخطيط وقيادة أحتلال العراق عام 2003 وتدمير البلاد بشكل كامل بمساعده حليفة بريطانيا وكلبها المدلل الولايات المتحدة الأمريكية. فيما عاد بلير من تركه لمنصبه ليدخل الكويت من بوابة الإستشارات المتوافقة مع المخططات التدميرية البريطانية، فنصح الكويت ببناء ميناء مبارك الكبير لخنق العراق أقتصاديا، وحصل أيضا من الكويت على هذه الإستشارة على ملايين الدولارات.

وقد تمكن إسماعيل مصبح الوائلي من أنتزاع إعتراف كويتي واضح ومباشر بوجود أيادي بريطانية تدير مشروع بناء ميناء مبارك الكبير بعد أن وضعت المخططات اللازمة له منذ فترة طويلة. ولم يجد الكاتب والمحلل السياسي الكويتي والمدافع الأول عن بناء الميناء الدكتور عايد المناع، بدا من الإعتراف أن لتوني بلير يدا فاعلة في مشروع بناء الميناء، وقال أن بلير لديه مشروع تنموي لعملية تنمية الكويت ككل، ومن ضمن خطته التنموية الشاملة مشروع بناء ميناء مبارك الكبير.

وبين الوائلي ان المشروع هو مخطط بريطاني تم مع بداية عقد توني بلير المبرم مع الحكومة الكويتية لإدارة الإقتصاد الكويتي. وقال أن بريطانيا كانت تفكر منذ سنوات طويلة بدعم بناء ميناء الفاو الكبير العراقي ولكن توقف العمل به بعد الإحتلال الأمريكي البريطاني للعراق عام 2003، بعام واحد بعد أن اصطدم البريطانيون بحاجز الرفض الشعبي العارم لهم في العراق، وفشل محمد رضا السيستاني نجل المرجع علي السيستاني الحليف الرئيسي البريطاني في العراق لاستيعاب جماهير جنوب العراق الرافضة للاحتلال واذنابه، فتم أتخاذ قرار بتجميد المشروع وإيقاف أنجازه في العراق.

وتابع أن المشروع بقي أسير الأدراج منذ سنوات عديدة حتى تم أخراجه مؤخرا بالتزامن مع بداية عقد عمل بلير وأعيد طرحه على الكويت الذي وافق عليه امير الكويت مجبرا ومكرها وبدأت بتنفيذ المشروع. وأكد أن المخططات الأولى للمشروع عرضت قبل سنوات طويلة على الشيخ أحمد الفهد الصباح، وكانت المخططات تحمل أسم ميناء بوبيان البديل ـ أي بديل ميناء الفاو ـ والذي تحول أسمه مؤخرا إلى ميناء مبارك الكبير، وكانت مخططاته تشابه تماما مخططات ميناء الفاو الكبير الذي اعدته شركة هالكرو البريطانية.

وكانت الكويت أول زبون لشركة "توني بلير وشركاؤه" والتي أسسها مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط عام 2009 لتقديم استشارات في مجال الإصلاح السياسي والاقتصادي والاتجاهات الحكومية. وتعاقدت الكويت معها لوضع تقرير حول المستقبل السياسي والاقتصادي للامارة الخليجية الغنية بالبترول تحت عنوان "رؤية الكويت 2035" سلّمته إلى الحكومة الكويتية في وقت سابق من العام 2010.

وتؤكد تقارير وسائل الإعلام الأجنبية أن شركة الاستشارات الخاصة التي يملكها بلير، حصلت على 43 مليون دولار عام 2009 مقابل تقديم المشورة لحكام الكويت حول التوجهات السياسية والاقتصادية والإصلاحات الحكومية. وينسب لنواب بريطانيين مثل دوغلاس كارسويل ونورمان بيكر قولهم إن صفقات بلير التجارية تؤكد أنه كان يعرض مواقفه السياسية للبيع، وكل ما فعله في حرب العراق كان يهدف لكسب المال لنفسه.

وسبق وان فشل توني بلير في أخفاء عشرين مليون جنيه استرليني كسبها عبر تسهيل مهمات شركات نفطية عالمية في العراق بعد احتلاله عام 2003.

وأحدث معطى بسجل النشاط المالي المكثف ومتعدد الاتجاهات لبلير، والذي يضعه بصحبة مسؤولين سياسيين كبار من بينهم عرب في دائرة الاتهام بالسعي إلى الثراء غير المشروع وبتوظيف النفوذ السياسي في ذلك، رشحت معلومات عن انخراط بلير في تسهيل عقد صفقة بين شركتين من عمالقة صناعة التعدين واستغلال المناجم تمتلك الأسرة الحاكمة في قطر جزءا كبير من إحديهما.

ودخول بلير في خدمة كبار أثرياء الوطن العربي ليس بالمعطى الجديد، حيث بات من المعروف عمله سابقا لحساب الكويت وليبيا في زمن القذافي، غير أن المهم في الأمر أن تلك الخدمات التي توضع تحت يافطة "تقديم استشارات" كثيرا ما تتخطى حدود الممنوع قانونا باعتبارها توظف شبكة النفوذ السياسي لبلير والتي كونها من سنوات ترؤسه رئاسة الوزراء في بريطانيا ومازال يحتفظ بجزء منها في شكل صداقات داخل أوساط المال والسياسة. كما توظف في تلك "الاستشارات" معلومات ثمينة حصل عليها بحكم منصبه الرفيع السابق.

وتقول التقارير الإعلامية الأجنبية أن بلير لديه شبكة معقدة من الشركات الوهمية التي تسمح له بتجنب نشر حسابات مفصلة عن الأموال التي يحصل عليها. ويقول محللون إن ما كشف عن علاقات بلير المالية مع حكومات الشرق الأوسط قد لا يكون سوى القمة الطافية من جبل الجليد. ويبدأ المتاح من علاقات توني بلير المالية بالمنطقة العربية بالصفقات التي أبرمتها شركات النفط البريطانية مع ليبيا في الساعات الأخيرة لتوليه منصب رئيس الوزراء. ولم تتكشف حتى الآن أبعاد علاقة بلير بتلك الصفقات لكنها مازالت تثير بعض الشكوك. وتتهمه شخصيات بريطانية كثيرة بأنه كان على الدوام يعرض مواقفه السياسية للبيع.

وقد تكشف ثمن تلك المواقف بعد خروجه من منصب رئاسة الوزراء حيث انهالت عليه العقود التي بدا بعضها وكأنه مكافآت لمواقف سياسية اتخذها بلير أثناء توليه لرئاسة الوزراء.

وتقول التقارير الأجنبية أن من أحدث الحلقات في نشاط بلير المشبوه الاقتراب من اتمام أكبر صفقة اندماج هذا العام بين شركة التعدين العملاقة غلينكور وشركة المناجم إكستراتا بعد انعطافات وعقبات كبيرة وقفت بوجه تنفيذ الصفقة التي تبلغ قيمتها نحو 80 مليار دولار. وحدثت الانعطافة الحاسمة حين لجأ الجانبان الى استدعاء توني بلير لتسهيل عقد الصفقة التي يبدو أنها عادت الى الطاولة بعد أن بدا أنها وصلت مؤخرا الى طريق مسدود.