ليالي قريش ٢٤ |
وهكذا، تطورت الحياة في شبه الجزيرة العربية، بعد تطور الحياة في أماكن كتيرة، منها مكة ويثرب والطائف في الحجاز. وكان طبيعي إنه تظهر أمور دينية وثقافية ومعرفية، وتظهر أشكال أدبية جديدة، كان من ضمن الحاجات دي ظهور "الكُهّان"، ومعاهم "سجع الكهان". الكهان جمع كاهن طبعا، والكاهن ده واحد (وممكن واحدة) بـ يدعي قدرات خاصة، واتصال بـ عالم الغيب، الآلهة أو السماء أو الطبيعة، ويقدر يعرف اللي هـ يحصل، وبـ ييجي له وحي أو جن أو ما أشبه، وكانوا متفاوتين في درجة الخزعبلية، يعني فيه منهم ناس عاقلين وحكماء، وفيه منهم مخابيل، ومنهم نصابين، ومنهم اللي بياكل عيش، واللي فعلا مصدق نفسه. ما أقدرش أرصد حكايات معينة عن كاهن بـ عينه، لأن فيه ضبابية شديدة تتعلق بـ سيرة كل واحد، يعني مثلا واحد زي قس بن ساعدة الإيادي، ما تقدرش تعرف هو كان كاهن ولا متنبئ ولا مجرد راجل حكيم. وفيه أسطرة حصلت لـ بعضهم، (الأسطرة = صناعة الأسطورة) زي زرقاء اليمامة، وشق وسطيح ("شق" اسم كاهن، و"سطيح" اسم كاهن تاني) والزبراء وغيرهم. السجع بقى هو إيه؟ طبعا الكاهن من دول كان عايز يبقى غامض ومؤثر وكده يعني، فـ كان بـ يكتب سجع قوي، له قافية صعبة، ويا حبذا لو مفردات صعبة جدا، أو حتى مش مفهومة خالص، وهكذا. ناخد حبة نماذج: نموذج تاني: نموذج تالت: النماذج من ده كتير كتير، وفيه اللي بـ يقول إن ده الأساس للشكل القرآني، خصوصا القرآن المكي، لأن واضح جدا مش بس في الشكل، ده كمان فيه مفردات وتركيبات زي "سماء ذات أبراج" و"النجم الطارق". بس طبعا ده كلام حساس وحرج، فـ فيه رد عليه بـ إن الكلام ده ما اتكتبش قبل الإسلام، اتكتب بعده، وبـ التالي الرواة والمؤرخين ألفوه ونسبوه للكهان، إنما سجع الكهان الأصلي ضاع. الجدل ده لا يمكن حسمه "علميا" و"تاريخيا"، كل واحد حسب عقيدته، فـ إحنا المهم بـ النسبة لنا دلوقتي، إن سوق عكاظ، اللي اتعمل في الطائف، أو في حمايتها، شهد انتشار كبير لـ سجع الكهان، وغيره من الأشكال الأدبية، وكلام قس بن ساعدة المذكور أعلاه قاله في سوق عكاظ. ده خلى الطائف تبقى زي "عاصمة ثقافية" وخلى عندها إمكانية للمنافسة، ما بانتش في عهد هاشم، بانت بعده، فـ خلينا نقف هنا في الكلام عن الطائف، ونتنقل لـ مكان تاني في الجزيرة. تابعونا
|