حاولَ مؤلف كتاب "مدن تحت الحصار" ستيفن غراهام أن يبرز أسباب حصار وحرب المدن وفقا للمنظورين الأميركي والإسرائيلي وكيفية تعاملهما مع تجربتي العراق وفلسطين باعتبارهما ساحات صراع. يشرح المؤلف فكرة الحرب عند المذهب العسكري الجديد بأنها مناورة دائمة، لا حدود لها، تحرض الجيوش العالية - التكنولوجيا والعمليات الأمنية - بالترافق مع قطاع خاص من المتعاقدين الخارجيين والشركات العسكرية طبقا لحرب الجيل الرابع، وهي تستند إلى حروب غير تقليدية. واستنادا إلى هذا المذهب، يشير المؤلف إلى أن القادة الأميركيين بالعراق أكدوا ضرورة تنسيق (ساحة المعركة) الكاملة للمدينة، أي معالجة البنية التحتية المدنية في محاولة لفرض الأمن في المدينة، (الفلوجة نموذجا). وفي معرض إشارته إلى المصاعب التي واجهت القوات الأمريكية في العراق، يؤكد المؤلف أن الجيش الأميركي وجد استحالة شديدة في التفريق بين المقاومين والمدنيين لأنه كان يجهل لغة الأمكنة التي كان يقاتل فيها ولثقافتها. ويشبه غراهام المدينة بالقلعة تستند إلى منطقتين: منطقة من حقيقة مادية (جدران وأسوار) فضلا عن منطقة يفترض أنها واقعية معنية بالتحركات أو تدفق المعلومات والاستخبارات. ويسلط المؤلف الضوء على لجوء القوات الأميركية إلى بناء مدن عبر العالم مشابهة للمدن والبيئات التي تنشط وتوجد على أطراف المدن وبالمناطق الريفية، تتركز إما في قواعد عسكرية أميركية، وفي أراضي تدريب بالولايات المتحدة لا سيما مدينة شيكاغو أو في صحارى الكويت وصحراء الأنبار وصحراء النقب بإسرائيل شبيهة بمدن قاومت الاحتلال خلال تواجد القوات الأمريكية فيها. وفي معرض وصفه لعقيدة (الصدمة والرعب) قال المؤلف إنها شكلت بالهجوم الأميركي على العراق عام 2003 تمددا مفرطا لشل المجتمع كله في شكل سريع وتام لتنتاب سكان المناطق الحضرية صدمات نفسية توازي ما يسببه هجوم نووي (توقيف البلد عن العمل) الأمر الذي يشير إلى أن تدميرا ماديا للبنية التحتية والسيطرة عليها سيحدث مما يحقق صدمة على الصعيد الوطني تشبه الأثر الذي خلفه لدى اليابانيين إلقاء القنابل النووية على هيروشيما وناغازاكي. ويخلص المؤلف إلى القول: ما يجذب دائما في الحرب هو أنها -حتى مع الدمار والمجازر- يمكن أن تقدم لنا ما نتوق إليه طول الحياة، يمكن أن تعطينا هدفا ومعنى، وسببا لنحيا.
|