أحلام عراقية

 

 

أحلامنا كثيرة، جماعية وفردية، فمن ابسط حقوق الانسان ان يحلم ويسعى لتحقيق الحلم، لكن ما تحقق لنا، يتراوح بين الحزن والفرح، بين الهدوء والصخب، بين الضغينة والحب، وسوى هذا من المتناقضات، أي لم نرسُ بعد كأفراد أو جماعات على شاطئ الاكتفاء، وهو أمر قد لا يتحقق للانسان الفرد او الجماعة، طالما أن سلة الطموح لا يمكن أن تُملَأ حتى الموت، لكن أين نضع الحرائق التي ملأت الارض وأحرقت مئات بل آلافا، إن لم نقل ملايين الارواح، وأين نضع أحزان العالم البريء، وهو يتعرض لرعونة التوحش والطمع والاستحواذ؟ إن العام الاجمل هو الذي لم نعشه بعد، حتى لو عشنا أجمل الاوقات والسعادات والنجاحات، حتى لو رأينا المسرات كلها، وجنائن الارض كلها، فهناك متسع دائما للمزيد، هذا يعني أن الزمن القادم يتحمّل المزيد من الانجازات، على مستوى الافراد أو الجماعات، نحن نحلم بعالم متحرر، يعيش فيه الجميع متآخين رحماء، يحترم كلهم الكل الآخر، ويحب السلام ويتمنى الازدهار له ولغيره من بني المعمورة، إننا نحلم بعام خال من الحرائق، خال من الانفجارات، خال من المشاحنات، خال من الدسائس السياسية وسواها، الفردية او الجماعية، وخال من اللهاث المحموم نحو حماية المصالح حتى لو تم ذلك بطرق خاطئة ولا انسانية، إننا نحلم بعالم أفضل بكثير مما نعيش الان، سواء على الصعيد الفردي أو الكلي، أريد كفرد أن أضع رأسي على الوسادة ليلا ولا تزعجني صورة للألم، ولا تباغتني صرخة ظلم تعرض لها أحدهم، واريد أن ارى عراقا يستوعب الجميع بعدالة تقترب من عدالة السماء، هكذا أحلم وأتمنى وأرغب بالمزيد نحو سلام يطوي الازمات والصراعات والحروب، ليس عالما مثاليا بحتا، وليس حالة من اليوتوبيا الحالمة، إننا نرغب بعراق وعالم سالم مسالم ومتحرر وخال من الاستبداد الفردي، إستبداد الاب أو مدير العمل أو رئيس الدائرة او المصنع وغيره، وخال من استبداد الحكام والمسؤولين الطغاة، عالم ترفرف في سمائه راية الحرية العظيمة،قد يتحقق شيء من هذا في عالم قيد المستقبل، وها أننا نمضي ونسير ونحث الخطى، العقبات كثيرة وكبيرة وعلينا كأفراد وجماعات أن نتجاوزها في كل الاحوال، ليس أمامنا سوى ذلك، علينا أن نصنع عالمنا الجميل أفرادا أو شعوبا، لا لليأس في جميع الاحوال، النكبات والخيبات ستظهر تباعا، وسوف تصد سير الانسان الى غاياته النبيلة، لكن تبقى دائما في آخر المطاف نقطة مضيئة، نحث الخطى إليها، لنصل الى ضالتنا، الى حريتنا وسعادتنا واحلامنا التي لابد أن تتحول من واحة الحلم المثالي، الى بستان الحقيقة الذي سنتجول فيه وسنمسكه باليد ونراه بالعين، يقول الشاعر التركي الكبير ناظم حكمت: (أجمل الأيام هي تلك التي لم نعشها بعد/ أجمل البحار هي تلك التي نرها بعد/ وأجمل الأطفال هم الذين لم يولدوا بعد)، فعسى أن تكون الايام والسنوات القادمة أجمل وأفضل وأكثر ميلا للإنسانية مما مضى، إننا نحلم وهذا من حقنا أن نعيش أجمل الايام في عراق آمن جميل، وفي عالم مسالم، نرى فيه أجمل الأمنيات وقد تحقق لنا، ليس هذا محالا بل هو قيد التحقق، ولكن كلنا نعرف ونؤمن، بأن الاحلام التي قادت الانسان من كهوف الظلام الى ضوء العلم والازدهار، ما كان لها أن تتحقق لو لا سعي الانسان إليها بإرادة عظيمة لا تعرف الكلل.