أقام مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية حلقة نقاشية عن الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وأبعاده مع رؤية تحليلية واستشرافية، يوم الأربعاء الموافق 15/4/2015 وعلى قاعة جمعية المودة والازدهار وحضر الحلقة النقاشية مجموعة من الأكاديميين والباحثين، قدم للحلقة النقاشية عدنان الصالحي مدير المركز قائلا: شكل الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران علامة فارقة في التحول وخصوصا في الأيام الأخيرة والتي كانت تعتبر المراهنات عليها كبيرة وواسعة على انه لا اتفاق نووي وان الضربة العسكرية قادمة.
حيث احتضنت هذا الاتفاق مدينة لوزان الفرنسية التي أغلق فيها ملف الإمبراطورية العثمانية في قرن مضى هذه المدينة شكلت علامة مهمة في التحول الدولي بداية نيسان لعام 2015 باحتضانها الاتفاق الدولي الأولي بين دول (5+1) وهي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ممثلة بكل من أمريكا وبريطانيا والصين وفرنسا وروسيا إضافة إلى ألمانيا.
وهذا الاتفاق الأولي الذي سيؤدي بالنتيجة إلى اتفاق نهائي شكل اهتماما للباحثين باعتبار انه قد يشكل خطوة قد تشبه ماحصل بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، فالكثير يؤكد عدم وجود خسائر للطرفين من جراء هذا الاتفاق حيث أخذت أمريكا تعهدات بعدم إنتاج سلاح نووي كامل وحدت من نشاط إيران النووي في أسلحة الدمار الشامل، من جانبها فان إيران يمثل رفع العقوبات عنها الخطوة الأهم للخروج من الأزمة الاقتصادية وقد ربحت إيران النفوذ والهيمنة على المنطقة مقابل خسارتها للملف النووي.
الاتفاق النووي الخطوات القادمة
تناولت الحلقة النقاشية محورين مهمين هما الاتفاق النووي الإيراني.. الخطوات القادمة وتحدث فيه الدكتور خالد عليوي العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية في ورقته الموسومة "الاتفاق النووي الإيراني" عن ماهية الاتفاق وأبعاده وشروطه قائلا: بعد مفاوضات طويلة ومضنية حول ملف إيران النووي المثير للجدل، تم الاتفاق الأولي على أن يتم الاتفاق على صيغة نهائية لهذا الاتفاق في مدة أقصاه الثلاثين من حزيران القادم، وقد أفصح المفاوضون عقب إنهاء المفاوضات بينهم عن الخطوط العريضة لهذا الاتفاق، والتي تمثلت بما يلي:
1- تخفيض مخزون اليورانيوم الإيراني منخفض التخصيب البالغ 10000 كيلو غرام إلى 300 كيلو غرام.
2- عدم تخصيب إيران لليورانيوم فوق معدل 3,67% لمدة 15 عام على الأقل.
3- استمرار عمليات التفتيش الدولية لمنشآت إيران النووية لمدة 25 عام.
4- تعهد إيران بعدم صنع البلوتونيوم في صناعة الأسلحة النووية في مفاعل آراك.
5- تخفيض عدد أجهزة الطرد المركزي الإيرانية.
6- بقاء العقوبات الأمريكية على إيران والمرتبطة بملف الإرهاب وحقوق الإنسان.
وعن ردود الأفعال الدولية على هذا الاتفاق، إذا استثنينا الموقف الرسمي والشعبي الإيراني المبتهج بالاتفاق الأولي، فقد عده الرئيس الأمريكي بأنه " اتفاق تاريخي" وقال إن الاتفاق يخدم" أمن الولايات المتحدة وحلفائها والعالم كله". بان كي مون (الأمين العام للأمم المتحدة قال: ان هذا الاتفاق" قد يمكن جميع الدول من التعاون بشكل عاجل للتصدي لكثير من التحديات الأمنية الخطيرة التي تواجهها الأوسط". وابرز المواقف الدولية الرئيسية الممتعضة من الاتفاق كانت من إسرائيل والكونغرس الأمريكي. وأضاف الدكتور خالد نظرة تحليلية إلى الاتفاق وردود الأفعال المرتبطة به موضحا، إن النتيجة الايجابية التي يخرج بها الباحث إن إيران استطاعت التوصل إلى اتفاق إطاري يضمن لها الاحتفاظ ببنيتها التحتية من الطاقة النووية السلمية، فضلا عن احتفاظها ببنيتها التسليحية التقليدية ويوفر فرصة لإيران لتنمية اقتصادها وزيادة الاستثمار الأجنبي فيها والتبادل التجاري بينها وبين دول العالم. وأوضح العرداوي إن العالم عدا إسرائيل وبعض الأصوات الأخرى- يشعر بارتياح أكثر بعد الاتفاق؛ لكونه سيتخلص من تهديد البرنامج النووي الإيراني وما يمكن ان يترتب عليه في حالة انفلاته من سباق تسلح نووي إقليمي كارثي العواقب.
التداعيات الستراتيجية للاتفاق النووي
أما عن التداعيات الستراتيجية للاتفاق النووي بين طهران وواشنطن من جهته قدم الدكتور ميثاق مناحي/ تدريس في جامعة كربلاء وباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية ورقته البحثية الموسومة " التداعيات الستراتيجية للاتفاق النووي بين طهران وواشنطن وقال فيها: إن اوباما طرح ثلاث خيارات لكبح الطموحات النووية الإيرانية وهي منع إيران سلميا من الحصول على سلاح نووي والخيار الثاني هو توجيه ضربة عسكرية لإيران أما الثالث هو الانسحاب من المفاوضات ومواصلة العقوبات الاقتصادية، وكان الاتفاق من خلال التفاوض هو أفضل خيار لنا. وأضاف إن أهم المعايير الرئيسية في الاتفاق النووي هي تخفيض إيران لأجهزة الطرد المركزي وتخفيض مخزونها من اليورانيوم ضعيف التخصيب وتوضع المواد الفائضة تحت إشراف الوكالة الدولية. وبمقابل ذلك ترفع العقوبات الاقتصادية فور تأكد الوكالة الدولية من احترام إيران لتعهداتها.
وعن التداعيات الستراتيجية للاتفاق النووي قال مناحي: لم تكن التداعيات بين واشنطن وطهران تداعيات آنية وإنما كانت هناك تداعيات منذ فترة طويلة ومنذ ان بدأت طهران برنامجها النووي. ولعل دول الخليج هي أكثر الدول التي تناولت تلك التداعيات في حالة التوصل الى اتفاق نووي ين الطرفين.
ومن تلك التداعيات هي:
1- اضطلاع إيران دور الهيمنة الإقليمية.
2- تجنب المنطقة لحرب خليجية رابعة.
3- التوصل إلى تسوية إقليمية بشان الأزمة السورية
وعلى ضوء ذلك هناك حزمة من السياسات المتوقعة التي ربما تنتجها المنطقة الخليجية خلال المرحلة المقبلة وهي:
1- استمرار دول خليجية وتحديدا السعودية في اتباع سياسيات اقليمية تتماشى مع الستراتيجية الامريكية.
2- تنويع التحالفات الدولية لدول الخليج.
3- تطوير الأطر التنظيمية الخليجية.
4- السعي لامتلاك برامج نووية خليجية
وأوضح مناحي مستقبل الاتفاق النووي قائلا: انه سيتوجب على أمريكا إقناع المنتقدين بعزمها على إخضاع طهران للمسائلة، وأيضا هناك إسرائيل والكونغرس الأمريكي فضلا عن إقناع دول الخليج ولاسيما السعودية، وهناك الكثير من الأمور يجب على الطرفين إتباعها لكي يكتب النجاح النهائي لهذا الاتفاق.
المداخلات
وقال الدكتور عدنان طوفان التدريسي في معهد كربلاء الفني في مداخلته: انه من الفخر والاعتزاز ان تكون هناك دولة إسلامية وشيعية تقف للتفاوض ولمدة عشر سنوات مع الدول الغربية وتساءل طوفان عن ما هي العبر التي يمكن أن نأخذها من هذا الاتفاق النووي ؟.
من جاب آخر قال احمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات: كان بودي أن اسمع التوقعات في حال إقرار الاتفاق أو عدم إقراره والتركيز على الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية أكثر وأعمق وفي ملفات اقتصادية وأمنية وسياسية. وتسائل جويد عن تأثيرات هذا الاتفاق على حلفاء إيران في المنطقة.
وقال باسم الحسناوي الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية: اعتقد انه تم الاتفاق بين دولتين لها امتدادات سياسية وعسكرية وأصبحتا في وضع مصيري واحد وان الولايات المتحدة تحتاج إيران لمقاتلة داعش. واعتقد ان الاتفاق سوف لن يتم وسوف تواجهه عقبات كثيرة.
من جانبه قال الشيخ مرتضى معاش رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام: أتصور إن قضية الاتفاق النووي بدأت كمفهوم وأساس منذ سنة 2003 وذلك في تثبيت دخول أمريكا للعالم وتغير مفهوم التدخل من مباشر إلى غير مباشر ومن استعمال القوة المباشرة إلى القوة الذكية وكان الاتفاق النووي هو أهم نقطة في هذا التحول، ومع رفض الأوربيون للفكرة حصل الاتفاق النووي على مضض وولد قيصريا، وأضاف: إن هناك قلق وتخوف من تنفيذ هذا الاتفاق ولكنه سيتم بعد ماراثون طويل من المفاوضات حيث تتيع أمريكا سياسة النفس الطويل المعتمدة على الصبر الستراتيجي.
واشار معاش الى أهم المكاسب التي حصلت عليها أمريكا وهي تحجيم الدور الإسرائيلي في المنطقة من اجل الحفاظ على المصالح الأمريكية لان إسرائيل تعتبر نفسها قوة كبرى منافسة للقوة الأمريكية وهذا ما لاتقبله أمريكا. وبين معاش عدة نقاط وتساؤلات على ضوء الاتفاقية وهي أولا: إن الطرفين اللذين وقعا الاتفاق هما طرفان معتدلان من الجانب الأمريكي والإيراني، ثانيا: ماذا لو تغيرت موازين القوى في الشرق الأوسط والى متى تستطيع ايران ان تستمر في الحرب الإقليمية. وهل تصمد كثيرا في اليمن وسوريا والعراق ؟ ثالثا: أسعار النفط نقطة مهمة في الاتفاق النووي وهذه قضية مهمة الآن لان السعودية تتلاعب الآن في الأسعار لتؤدي إلى حرب على حصص النفط، والخطر الآخر هو المعارضة الخليجية للاتفاق النووي. وأشار معاش إلى حاجتنا إلى قراءة لتأثيرات هذا الاتفاق على وضعنا الإقليمي والمحلي وتأثيره على الوضع الشيعي والعراقي.
وخرجت الحلقة النقاشية بعدة توصيات تمثلت في:
1- ان الاتفاق يمثل فرصة تاريخية للدول العربية لتهدئة المنطقة الشرق أوسطية (المتفجرة) وإعادة النظر في العلاقات فيما بينها وبين الدول المجاورة لها خصوصا إيران.
2- الانفتاح الاقتصادي فيما بين تلك الدول وفتح الأسواق التجارية يعزز من تمتين العلاقات السياسية والدبلوماسية فيما بعد.
3- وضع موضوع محور المقاومة ذات الاهتمام الكبير موضع البحث الجدي والنظر له بشكل عقلاني دون تشنج طائفي بين الدول العربية بغية إيجاد خطاب موحد تجاه التهديد الاسرائيلي والقضية الفلسطينية.
4- وضع حلول حقيقية وشاملة لدفع إسرائيل وأي دولة أخرى للانضمام الى الاتفاق النووي وتوقيف تطوير سلاحها النووي حتى الوصول الى منطقة خالية من سلاح الدمار الشامل.