عزت وجبار ومله صيهود |
نهض جبار من النوم صباحاً, ليكمل مسيرة العناء اليومية, التي يعيشها هو وعائلته, حمل مسحاته وسار بخطى حافية القدمين تملئها الشقوق وأشواك الـ(عاكول), التي رسمت بساقيه خرائط الجوع والمشقة. عند الخروج من المنزل تفاجئ جبار بتجمهر اهالي القرية عند منزل الملة صيهود, وعند السؤال عرف جبار بزيارة وزير الزراعة الى المدينة, فألقى جبار مسحاته ونفض الغبار عن دشداشته الوحيدة. رافق جبار والمله صيهود اهالي القرية, وذهبوا الى مدينة النصر التي تقع شمال الناصرية, والتي يشطرها نهر الغراف الى شطرين, من أجل عرض معاناتهم على مسؤول الزراعة المباشر . الجماهير تهتف بصوتً عال كعادتها, الوزير يعتلي المنصة والقومية تنفث نيرانها من بين فكيه, جبار ومله صيهود ورفاقهم منتظرين اللحظة المناسبة التي يعلنون فيها عن مطالبهم التي جاءوا من أجلها. سأل وزير الزراعة- ماهي مطالب أهل المدينة؟ فصاح مله صيهود ومعه جبار بصوت عالي ( سيمات للطبكه- سيمات للطبكه), وماهي إلا ثواني حتى أصبحت سيمات الطبكة هي المطلب الوحيد لأهالي القرية . سجلت سيمات الطبكة (الدوبه) التي تستعمل للعبور بين ضفتي النهر, كمطلب رئيسي لاهالي النصر, تحت استهزاء واستغراب عزت الدوري وزير الزراعة في سبعينيات القرن العشرين . فطرة جبار ومله صيهود جعلتهم محل أستهزاء عند الدوري, لانهم لم يطلبوا دوبه جديدة ولا جسراً, بل طلبوا سيمات جديدة بدل السيمات المتقطعه التي تستعمل في سحب الدوبة وهي داخل المياه. مطلب جبار ومله صيهود كان عن معرفة ورجاحة عقل متميزة, فقد عرفوا بأن عزت ورفاقه لم يكونوا رجال دولة في يوم من الايام, وأن توفير السيمات من قبل الوزير هو ضرب من ضروب الخيال. من لم يأخذ مطلب السيمات على محمل الجد, لن يستطيع قيادة دولة لمدة تجاوزت الثلاثين عاماً, ومن يوصل بلاده الى المرحلة التي وصلناها اليوم لا يجب عليه المطالبة بقيادة هذه البلاد من جديد. اولاد جبار ومله صيهود هم من أخذوا ثأر أبائهم وشهدائهم الذين خلفهم النظام البعثي بقيادة عزت ورفاقه, ليبعثوا برسالة عاجلة لمن يتحالف مع المتطرفين والبعثيين على حساب الوطن؛ أنك على رحيل والعراق باق الى الابد. |