هل كان بإمكان امريكا ازاحة صدام بأقل خسائر للعراق واهله |
حكم البعث بقيادة صدام لم تكن له شعبية منذ البداية و اقتصر نفوذه بين اعضاء الحزب اما بسبب الحصول على المال او النفوذ او تفاديا لعواقب عدم انتماء للحزب. التجنيد القسري و الخسائر البشرية خلال الحرب على ايران بدافع من امريكا قضت على ما تبقى من ولاء للحزب و اشتدت المقاومة لحكم البعث خلال و بعد الانتفاضة الشعبانية. لولا جهود دول الخليج و خاصة السعودية لإقناع امريكا بإنقاذ صدام من الانتفاضة الشعبانية بحجة النفوذ الايراني لأصبح حكم البعث في خبر كان. الحصار الاقتصادي الذي فرضته امريكا على العراقيين و ليس على صدام ادى الى البطالة بين الشباب و تفشي الفقر و الامراض بأنواعها. السؤال هو ما الذي دفع امريكا لتدمير العراق و قتل حوالي نصف مليون من مواطنيه و نصف مليون اخر من المعاقين؟ من هذه الاسباب ما يلي: استعراض القوة لتخويف ايران و تجربة اسلحة جديدة مثل اليورانيوم المنضب و تدريب قواتها على اهداف حية بدلا من اهداف مصطنعة. امريكا لديها خبرة في هذه التجارب و كان اولها القنابل الذرية على اليابان لمعرفة فعاليتها في القتل و التخريب ثم استعمال المسحوق البرتقالي في فيتنام الذي قتل البشر و الحيوان و الشجر. خسارة امريكا المزرية في فيتنام بالرغم من اسلحتها الفتاكة افقدت الشعب الامريكي وقياداته السياسية و العسكرية الثقة بالنفس و الغرور و الغطرسة و اطلق على هذا الامر مصطلح متلازمة او عقدة الفشل في فيتنام. بعد حرب عاصفة الصحراء قال بوش الاب ان عقدة الفشل في فيتنام انتهت و يقصد استعادة امريكا لهيبتها و غطرستها امام العالم. تفكك الاتحاد السوفييتي مهد الطريق لأمريكا لتتصرف كشرطي العالم الظالم لتثبت في الحكم من تشاء و تزيح من تشاء و شملت الغطرسة حتى دول اوربا و لكن بدرجة اقل من دول العالم الاخرى. في الوقت الحاضر امريكا تتصرف كدولة مستعمرة (بكسر الميم) و لكن سلوكها كمستعمر يختلف عن سلوك بريطانية بسبب الاختلاف في التكوين النفسي بين البريطانيين و بين الامريكان. الاستعمار البريطاني تهمه المكاسب المادية بالدرجة الاولى ويرغب في الحصول عليها بهدوء و يضع الحل العسكري للضرورة القصوى. الاستعمار الامريكي على العكس من ذلك يضع التدخل العسكري على رأس القائمة مشفوعا بالتهريج و العنجهية لان اشباع الغرور و الغطرسة من اولوياته. بينما الاستعمار البريطاني سعى لفرض الهدوء و الاستقرار في مستعمراته يسعى الاستعمار الامريكي لفرض الفوضى بكل اشكالها في مستعمراته. صحيح ان الساسة العراقيين يتحملون بعض الوزر للفوضى السياسية و الامنية و الاجتماعية لان شعورهم الوطني ضعيف او معدوم و لكن الوزر الاكبر يقع على امريكا التي لا يروق لها من يدافع عن مصلحة العراق اولا. القول بان العراق الان ديمقراطي الهوى و تسوده الحريات بكل اشكالها لا ينطبق على الواقع لان البلد في فوضى بكل اشكالها و العتب على منظمات المجتمع المدني الامريكية التي تريد نشر سلبيات المجتمع الامريكي. اسهل على امريكا التعامل مع من يؤمن بثقافة (هاي و باي باي ) من تعاملها مع من يتصف بثقافة رصينة. من يتتبع اراء العراقيين في الشارع و المقهى و وسائل النقل و اماكن العمل يلمس عدم الرضا عما حدث للعراق و العراقيين لا حبا بحكم البعث الفاسد الغاشم و لكن غضبا على امريكا لأنها تحتضن حاضنات الارهاب الخليجية و و الساسة الفاسدين. اظهار امريكا و كأنها محررة للشعوب من الفاشية لوجه الله مجافي للواقع بدليل مساندتها لملوك و امراء الخليج الذين يستعبدون شعوبهم بالبدعة الوهابية. الفاشية الاقتصادية الامريكية التي تفرضها على العراق و غيره لا يقل ضررها عن فاشية كبت الحريات. السفير الامريكي في بغداد يزور الرفقاء و الغرماء السياسيين على انفراد لطمأنتهم على مصالحهم بدلا من مصلحة العراق. بعد كل جولة من هذه الزيارات يصرح كل فريق بما يشير الى مساندة امريكا له. هل يمكن لعميل ان يتمرد على سيده بدون رضاه و جلّ الساسة العراقيين عملاء. امريكا لا تخرج العراق من البند السابع الذي فرضته عليه لكي تستمر في ابتزاز العراق لتحقيق مصالحها. امريكا زورت الانتخابات لتحول دون نظام ديمقراطي رصين قد يهدد هيمنتها. امريكا هدرت اموال نفط العراق على مشاريع وهمية و كرشاوى لعملائها و قائمة السلبيات طويلة. امريكا تعترف ببعض اخطائها في العراق لذر الرماد في العيون و مع ذلك نجد من يبررها. السؤال: هل كان اسقاط صدام يستحق كل هذه التضحيات يجب ان يكون: هل كان بإمكان امريكا ازاحة صدام بأقل خسائر للعراق و اهله. |