عقوبة جماعية لشعب التضحيات

 

في خطوة لامتصاص ردود الأفعال السلبية التي أثارتها التسعيرة الجديدة لأجور استهلاك الطاقة الكهربائية التي أعلنتها وزارة الكهرباء مؤخراً ، تقدم الوزير قاسم الفهداوي إلى مجلس النواب العراقي بطلب استضافته لشرح آليات وأهداف هذه التسعيرة التي رأت الوزارة  على لسان وزيرها ان ( شريحة كبيرة من المواطنين سيستفيدون من التسعيرة الجديدة بتخلصهم من دفع اجور المولدات الاهلية اضافة الى توفر الطاقة على مدار اليوم ) والشريحة الكبيرة هذه هم من ذوي الدخل المحدود والفقراء الذين بلغ تعدادهم حسب إحصائية وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي (سبعة ملايين) عراقي يعيشون تحت خط الفقر عدا الآلاف من الأسر النازحة داخل وطنها ، وهم في جميع الاحوال لا يملكون القدرة على تسديد اجور الكهرباء بسبب ظروفهم المعاشية الصعبة ، ولم يثر قرار صدرعن مجلس الوزراء العراقي ردود أفعال سلبية غاضبة ورافضة له مثلما أثار هذا القرار، فقد دعت المرجعية الدينية الرشيدة على لسان معتمدها في كربلاء الشيخ (عبد المهدي الكربلائي) في خطبة الجمعة الحكومة الى اعادة النظر بهذه التسعيرة بما ينسجم وظروف الطبقتين الوسطى والفقيرة في المجتمع ، مشددة على ضرورة ترشيد استهلاك الطاقة كواجب شرعي وقانوني ، في حين حذر السيد مقتدى الصدر من (صحوة الشعب من الظلم) رافضا التسعيرة الجديدة التي حددتها وزارة الكهرباء لاستيفاء اجور الطاقة ، داعيا العراقيين الى عدم الدفع وفق التسعيرة الجديدة الى ان توافق المرجعية الدينية في النجف ، وقال  (إذا ارادت الحكومة السيطرة على هذا الملف فلا يكون بهذه الطريقة المؤذية للشعب) ، مطالبا بالأخذ بنظر الاعتبار المستوى المعيشي العام والخاص في دفع الاجور ، وان يكون ذلك تدريجياً مع توفير الكهرباء على مدار 24 ساعة ، مشددا على ضرورة ان يحقق البرلمان مع كل من كان السبب بهذا القرار) ، وفي مجلس النواب تعالت الأصوات الرافضة للتسعيرة ، وكان الدكتور (احمد الجلبي) رئيس اللجنة الاقتصادية البرلمانية أول الداعين على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ) الى رفضها مهدداً بسحب تخصيصات وزارة الكهرباء من الموازنة  ، مشدداً على ضرورة أن يأخذ القضاء العراقي دوره في محاسبة من وصفهم بالسراق في الوزارة ، وهددت اللجنة القانونية البرلمانية الحكومة العراقية باتخاذ موقف مالم تبادر بإلغاء التسعيرة ، اما النائبة (حنان الفتلاوي) رئيسة حركة (إرادة) فقد جمعت (20) توقيعاً لبرلمانيين كانوا أول الرافضين لهذا القرار مطالبين باستضافة وزير الكهرباء ، وعلى صعيد المحافظات كانت (النجف الاشرف وبابل والديوانية وذي قار وميسان) أول الرافضين لها ، وقد دعا مجلس محافظة النجف الاشرف جميع مجالس المحافظات الى رفضها ،  وذكر (طورهان المفتي) مستشار رئيس الجمهورية فؤاد معصوم لشؤون المحافظات إن حكومات ثماني محافظات كانت في مقدمة الرافضين لتطبيق التسعيرة الجديدة للطاقة الكهربائية التي صادق عليها مجلس الوزراء ، مطالبا الحكومة بالتريث في تطبيق القرار تلافياً لحدوث اشكاليات قانونية بين المحافظات والحكومة الاتحادية ، وقال عضو لجنة الطاقة البرلمانية جمال المحمداوي ان ( اللجنة اجمعت على التريث في تطبيق التسعيرة الجديدة لأجور الكهرباء) ، وأضاف المحمداوي ان ( الوزارة يمكن ان تحقق ترليون ونصف من جباية الاجور ولكن هذه الايرادات ستضع ثقلا على كاهل المواطنين )  موضحا ان ( الازمة الاقتصادية لا تعالج على حساب المواطن , وأن الوزارة لديها ديون على المؤسسات الحكومية لا تستطيع استرجاعها لسد النقص في ايراداتها ) ، ونظم نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) حملة أسموها (لن أدفع) داعين الى تنظيم تظاهرة جماهيرية كبرى في بغداد تشارك فيها منظمات المجتمع المدني وشرائح أخرى في المجتمع العراقي ضد هذا القرار الذي أثار سخط الفقراء وذوي الدخل المحدود انفسهم ، فقد اعلن نائب رئيس اتحاد نقابات عمال واسط (مهند عودة المياحي) ان عمال المحافظة وابناءها الفقراء والمعدومين واصحاب الدخل المحدود يعلنون اعتصامهم العام في حال عدم تراجع وزارة الكهرباء عن قرارها الاخير بتسعيرة الأميرات الكهربائية ، منددا بالقرار الذي عده ( قرار تعسفي ضد الفقراء ) ، لأنه ( يأتي في وقت ان اغلب عوائل العراقيين لا تملك قوت يومها ) مهددا بالعصيان المدني ، اما على الصعيد الإعلامي ، فقد انبرت وسائل الإعلام الى الوقوف بقوة ضد القرار كاشفة عن رفض المواطنين والمسؤولين على حد سواء ، مبينةً ان رفضاً شعبياً ورسمياً وإعلاميا وبرلمانياً يواجه قراراً ولد ميتاً ، وقالت احدى صحفنا المحلية ان ( (وزارة الكهرباء) تحرم الفقراء من هواء بارد في اجواء حارة ) ، واجمع غالبية العراقيين على ان القرار كان عقوبة جماعية لأبناء المحافظات الذين ضحوا بأرواحهم من اجل تطهير المحافظات من عصابات داعش الاجرامية ، بينما استثنتها الوزارة من تسعيرتها هذه بذريعة انها مناطق ساخنة .

 

 ان رفض القرار شعبيا ورسميا واعلاميا يجعل وزارة الكهرباء وغيرها من الوزارات لان تدرس اي قرار مستقبلا بواقعية  قبل الاقدام عليه ، فقرار كهذا سيتسبب في رفع اجور الخدمات الذي سيؤذي اغلب العراقيين ،  فمن غير المعقول والمقبول ان يحصل المواطن العراقي على خدمة الكهرباء لقاء تسديد راتبه الشهري الذي يذهب جزء منه الى خدمة المولدة الأهلية وأجور النقل والدراسة والإيجار الشهري للسكن فضلاً عن أجور العلاج والفحص الطبي وغيرها ، في بلد يعوم على كنز من الخيرات صارت نهباً للسياسيين الفاسدين ، بينما يعيش فيه المواطن على الكفاف ، او في البحث بين أكوام القمامة عما يسد رمقه .. ورغم الرفض الواسع لهذا القرار ، اختارت (دولة القانون) الوقوف ضد رغبة الشعب ، فقد عد النائب (عباس البياتي) التسعيرة الجديدة لوزارة الكهرباء عادلة وطبيعية بالنظر للوضع الاقتصادي الذي يمر به البلد  مؤكدا رفض كتلته استجواب الوزير ، الامر الذي يراها بعض المراقبين ( صفقة ) بين الوزير الفهداوي وهذه الكتلة ، في وقت كشف فيه النائب (رسول أبو حسنة) عن محافظة المثنى عن وجود منطقتين في محافظته هما (قضاء السلمان وناحية بصية ) لم تصلهما الكهرباء الوطنية منذ 100 عام ، مؤكدا أن هذه المناطق لاتزال تعتمد على المولدات الخاصة لإنتاج الطاقة الكهربائية) ، فهل كانت التسعيرة الجديدة مكافاة لأبناء الشعب العراقي عن تحريرهم للمناطق التي احتلتها عصابات داعش الاجرامية ؟ وهو تساؤل جميع العراقيين الذين وقفوا بالضد منها ، ام ان وزارة الكهرباء وجدتها الحل الامثل لسد عجــزها المـــالي  ؟ ام ماذا ؟