الطبقة العاملة والحكومة والمصالح المشتركة

ليس بطرا ولا ترفا ما دعت له الطبقة العاملة في الشعارات التي رفعتها خلال الاحتجاجات والتظاهرات الاخيرة لإعادة عجلة الانتاج للقطاع الصناعي العام وتأهيل المعامل وتحويل شركات التمويل الذاتي الى التمويل المركزي وصرف رواتبهم المتأخرة لاكثر من اربعة اشهر، انما هي مطالب حقيقية لتحقيق مصالح مشتركة لادامة العلاقة بين تلك الطبقة الكادحة وبين الدولة، فلا اعمار ولا بناء ولا اقتصاد قوي دون ان تشرك الطبقة العاملة في عملية البناء وانتاج السلع التي تلبي حاجات البشر، ومن هنا كانت الحقوق والواجبات، تلك الواجبات المتمثلة بالتزام العامل بساعات العمل وجودة المنتوج اضافة الى واجبات اخرى يقتضيها شكل العمل، اما الحقوق فهي بالدرجة الاساس اجور العامل التي يستحقها من خلال بيع قوة عمله وفقا للعمل المناط به، والحقوق الصحية من خلال ضمان سلامته في عمله والضمان التقاعدي، ونظرا للمستجدات والاكتشافات العلمية والقفزات المتسارعة للتكنولوجيا الحديثة، تتجدد الحقوق والواجبات ايضا.

ومن اجل كل ذلك لابد من وجود صناعة وطنية بقطاعيها العام والخاص قادرة على تلبية طموح ومطالب القوى العاملة، واعطاء الدور الكبير لهذا القطاع للمساهمة في تحسين وتنويع مصادر الاقتصاد، وتخليص البلد من الاقتصاد الريعي الاحادي الجانب والذي ادى الى وصول الاقتصاد الوطني الى وضع مربك اثر على جماهيره الكادحة والفقيرة، اضافة الى تعطيل عملية البناء والاعمار نتيجة للسياسات الاقتصادية الخاطئة التي لازمت البلاد منذ فترة طويلة، ولهذا سعت الطبقة العاملة الى الاحتجاجات والتظاهرات والدعوة الى بناء اقتصاد قوي ومتين يعتمد على الصناعة والزراعة والسياحة والقطاعات الاخرى وعدم الاعتماد على النفط، اضافة الى دراسة الاسباب التي ادت الى جعل شركات وزارة الصناعة تصل الى مستويات تكون فيها غير ربحية وخاسرة والذي تتحمل الحكومة سبب تلك الخسائر وليست الطبقة العاملة اذ لم تعمل على تأهيل المعامل والشركات اضافة الى عدم تفعيل القوانين التي من شأنها حماية المنتوج المحلي وفرض الضرائب على البضائع والسلع المستوردة اسوة بكثير من دول العالم، وكذلك العمل على اجبار الوزارات بشراء منتوج شركات وزارة الصناعة والمعادن وخاصة وزارات الصحة والدفاع والداخلية.

ومن المضحك المبكي ان مجلس الوزراء في بيان صدر عنه، دعا خلاله الى دعم وتشجيع عمليات التصدير وتمكين الشركات العامة التابعة لوزارة الصناعة

والمعادن من تصدير فائض منتوجها، والسؤال هنا لماذا الدعوة الى تصدير منتجات وزارة الصناعة، وجميع وزارات ومؤسسات الدولة تستورد ما يلبي احتياجاتها من الاسواق العالمية ومن مناشئ رديئة مع ان مخازن شركات وزارة الصناعة ممتلئة بانتاجها. اليس من الافضل ان تتوقف عملية الاستيراد من قبل الوزارات ودوائر الدولة والاستيراد العشوائي من قبل التجار واصحاب رؤوس الاموال، وتشجيع صناعتنا الوطنية لسد اسواقنا المحلية، وهذا ما تدعو له طبقتنا العاملة وستبقى تتظاهر وتحتج الى ان تتحقق كل مطالبها وتمنح كل حقوقها من اجل بناء واعمار البل