الغيب ؟!!* بقلم/ د. صادق السامرائي |
يُرينا الغيبُ ما بقيَ اسْتتارا ويُدرينا إذا رَفعَ الستارا
حِجاباتٌ بها الأفهامُ حَيرى وإنْ بَعُدَتْ فقد زادتْ وَقارا
يفيضُ الصمتُ قَطْرا مِن مَديدٍ فيَجعلُ وعْيَنا لجَجا مُثارا
تماسَسَتِ العقولُ بلا لقاءٍ وأطلقتِ الرؤى وهَجا ونارا
وقالَ الروحُ مَنْ دَهَمَ الخفايا ومَنْ وهبَ المعانيَ إنْبهارا؟!
وإنّ النفسَ ناطقةٌ هواها بساجعةٍ تبادلها اسْتعارا
فهلْ جُهِلَتْ جَواهِرها وغابتْ وهلْ صَدَحَتْ مَعارفُها جَهارا؟!
توارى كلّ مَكنونٍ بحُجبٍ وبانَ مُدثّرا أبدا وغارا
فوعيُّ الشيئ مَرهونٌ بجُهدٍ يُجاهدُ خندقا منعَ ابْتصارا
خلائقُ رَحْلِها تُلقى إليهِ وكمْ وفدتْ وما قطعتْ مَسارا
وما نظرتْ بزاويةِ اعْتمادٍ
وما نهضتْ بدائرةِ انْغلاقٍ ولا كشفتْ مَفازاةً ودارا
تَعثّرتِ الخُطى في وَحْلِ ظنٍّ يقيّدها ويَمنَحُها انْكِسارا
وأُجْبِرَتِ العقولَ على انْصفادٍ بأوديةٍ توافيها انْحِسارا
وتأخذها لشطآنٍ تلاحتْ لتُغْرقها وتَجرفها حَيارى
وتؤنِسها بأوهامٍ ورُغْبٍ وقد رسَمتْ لها سُبلا عِثارا
يُوالدها ترابٌ مِنْ ترابٍ ويَخدَعُها ويُلقِمُها انْصهارا
وما علِمتْ ذواتٌ مُحتواها ولا وَصلتْ قوافلها مَطارا
رأيتُ الغيبَ غيّابَ اغْتفالٍ ومُنتهلا يعاطينا اخْتبارا
فلا غيبٌ إذا غابتْ نفوسٌ وأوْردها التنائيُ إحْتضارا
قيودُ الخلقِ طاقاتٌ تنامتْ بأعماقٍ وما مَنحتْ خيارا
كأنّ وجودَها طغيانُ أمرٍ يُعذبّها ويُشبعها انْقهارا
وما غَنِمَتْ من الويلاتِ دَرسا وما سَئِمتْ بها يوما جِوارا
وإنْ ظفرتْ بعاليةٍ تهاوتْ وأرْدتْ كلّ ساميةٍ نِثارا
سُقينا من مَشاربها فخِبنا وما زالت تُساقينا المَرارا
نغارُ على هواها منْ غريمٍ فيَطرَحُنا على حُصرٍ خُسارى
تداوينا بأوضارٍ وداءٍ وما غَفِلتْ وكمْ خاضتْ غِمارا
تَحاوَرتِ الخطايا واسْتراعتْ وألقتْ حِملها ونَضتْ خِمارا
تعاصرنا المنايا كيفَ شاءت فأضحى الموتُ في زمنٍ عِقارا
تخاطبني بمُنْطلقٍ لجَورٍ وتَنهرني وتُهلكني انْسجارا
وما الغيبُ الذي غابتْ سُداهُ وإنّ الغيبَ يُدْركنا كبارا !!
يبوحُ لسانُها بلغاتِ كنّا فيوقِظنا ويُلْهِمُنا افْتكارا
وإنْ قفزتْ إلى العلياءِ خطوٌ تشاسَعَ خَطوُها وأبى اخْتصارا
ربوعُ الكونِ في كوْنِ انْفلاقٍ يُعاجلُها ويُلْقِمها ابْتدارا
غياهبُ نورها كنزتْ غيوبا وما سطعتْ بأفئدةٍ فنارا *من محاورات فكرية فلسفية نفسية روحية إدراكية مع الأستاذ العلامة الدكتور يحي الرخاوي.
7\4\2015 |