يوم أسود ..يوم أسعد

 

وسط دوامات الحزن والغضب ، لم اسعد بعراقيتي يوما، مثلما سعدت ذاك النهار الذي تناخى فيه العراقيين كل العراقيين، اهل الغيرة والنخوة والحمية لاحتضان اهلهم وابناء جلدتهم من اهالي الانبار، الذين اجبرهم داعش على هجر بيوتهم، تلك البيوت  كانت نبعا للكرام والاصالة. لقد ضحكت حد البكاء على المتآمرين وصناع الطائفية وقردة الفتن، وانا اشهد راية “يا حسين”  تضلل عجائز واطفال الانبار، وماء كربلاء الرقراق يطفئ ظمأ امرأة حرة دليمية استجارت باخوتها اولاد المواكب الحسينية منادية واعراقاه . انه يوم اسود لدعاة الفرقة والمذهبية، فمن كان يخطر في ذهنه ان مدينة الصدر والكاظمية والشعلة والحرية والدولعي تحديدا ستكون ملاذا امنا لاهل الصوفية والبو فراج والبو ذياب وغيرها من احياء الرمادي، ومن دون كفيل ولا هم ولا هم يحزنون.

 

  اهل بغداد اليوم يردون  الفضل بالفضل والاحسان بالاحسان، فقد تطوقت رقابهم بفضائل اهل الانبار منذ ليالي حرب عام 2003 عندما استقبلهم رجال ونساء الرمادي والفلوجة وحديثة وهيت والقائم بوجوه فرحة مستبشرة، واجاروهم انذاك وتناصفوا قرص الخبز معهم، بل ان اغلبهم اخرجوا عوائلهم من بيوتها واسكنوا اهل بغداد محلهم في صور لا تراها الا في العراق ونخوة لن تجدها الا عند من شرب ماء دجلة والفرات.وبرغم بعض المخاوف المبررة لرجال الامن من اندساس عناصر مريبة بين النازحين، الا انني لم اقرأ في عيون نازحي الانبار، الا البراءة والفطرة اناس عاديون يرجون العيش بسلام، ولم اجد في صرخاتهم صوت سعيد اللافي ولا نبرات  شيوخ الفتنة، ولا اكاذيب سياسيو الصدفة، لم الاحظ في قسمات وجوههم الا اثار الظلم والاسى والتخلي عن الملهوف ساعة المحنة.انه درس بليغ اخر يكتبه العراقيون باحرف من نور ليشهد الجميع ان هذا الشعب كان وما زال وسيبقى واحدا، وان المحن التي يواجهها لن تزيده الا صلابة وتماسك وحب.