العراقيون ... هل ستوحدهم البطاقة الوطنية العراقية الموحدة ؟

ترتبط الهوية التعريفية في أي بلد من بلدان العالم أرتباطا وثيقا بشخصية المواطن الذي يحملها ، وتعد هذه الهوية سمة من سمات الحماية الذاتية لهذا الشخص الذي يجد ضالته من خلال ما تحتويه من مزايا ومعلومات خاصة جدا في مضمونها الداخلي ، حيث ستكون هذه البطاقة المفتاح الرئيس لأقتحام المواطن دوائر الدولة بكل ثقة ، وفق المعايير والمواصفات التي يتوجب تأمينها في هذه البطاقة السحرية .

في البلدان المتقدمة تمنح حكوماتها المواطنين البطاقات التعريفية وفق أحدث المواصفات التي تتميز بالتقنيات العالية جدا ، والتي يصعب على الغير تزويرها أو التلاعب بمحتوياتها ، وتجد في هذه البطاقة الصغيرة جميع المعلومات المطلوبة عن هذا الشخص ، كما

تعوض أصحابها عبء حمل الأوراق الثبوتية الأخرى المتعددة والمتكررة والتي لا مببر لها ، وهذا ما يحدث للآسف الآن في بلدنا العزيز العراق عن طريق أجبار المواطنين الى حمل ( الأربعة المبشرة ) أينما كانوا وهي هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية وبطاقة السكن والبطاقة التموينية ، مشروطة أيضا على أن تكون جميعها ( ملونة ) ، مما تثقل كاهل المواطنين في عملية مراجعتهم الى دوائر الدولة المختلفة .

وبصدد هذا الموضوع نشير هنا قليلا الى التجربة ( السويدية ) ، والدول الأوروبية بشكل عام على الخطوات التي تتخذ من أجل أصدار الهوية الشخصية للمواطنين ، والتي تنجز خلال أسبوع واحد فقط وترسل عبر البريد الى سكن الشخص المعني دون معاناة المراجعة لآستلامها ، حيث يخصص لكل فرد رقما خاصا له لا يتكرر مهما بلغت الأسباب ، ويكون هذا الرقم مدون لدى جميع الدوائر الحكومية ، أضافة الى المراكز الصحية والمستشفيات والمدارس والجامعات ودوائر المرور ومديريات السفر والسياحة وغيرها من الدوائر ، ويتكون هذا الرقم الشخصي من ( عشرة ) أرقام فقط ، تمثل الأرقام ( الستة ) الأولى من اليسار سنة التولد للشخص والشهر واليوم ويضاف اليها ( أربعة ) أرقام تختارها الدائرة المعنية ، وعلى سبيل

المثال كأن يكون شخصا قد ولد في اليوم الأول من شهر أب من عام ( 2015 ) ، فتكون الأرقام الستة لهذا الشخص هي ( 150801 ) ويضاف عليها أربعة أرقام تكون مثلا ( 1122 ) فيصبح رقم الشخص بالكامل هو ( 1508011122 ) وبهذا لم ولن يكون هناك أي حالة تكرار للآرقام ، ويتطلب على المواطن حفظ رقمه الشخصي ويستطيع مراجعة أي دائرة بمجرد أعطاء رقمه الى الشخص المعني حتى لو كان لم يحمل هذه الهوية ، وبعد كتابة الرقم على جهاز الكومبيوتر تظهر الصفحة الرئيسية الكاملة للمواطن المراجع ، ويظهر الأسم الكامل وعنوان السكن ومكان وتاريخ الميلاد ورقم الهاتف والأميل وأسم الأم والزوجة والأولاد وغيرها من المعلومات الشخصية ، أضافة الى حفظ وخزن جميع المعلومات الخاصة بهذا المواطن دون أن يطلع عليها أحد غير الموظف المختص ، وتنجز أي معاملة خلال دقائق فقط ، ولا يتطلب تأمين مستمسكات ثبوتية أخرى غير الهوية الموحدة .

أن الهوية الوطنية العراقية الموحدة رغم تأخر تنفيذها في العراق ، لكنها خطوة بالأتجاه الصحيح وخطوات تقدم أخرى الى الأمام ، نتمنى أن ترى هذه

الهوية النور خلال الفترة المقبلة والعمل بها في كافة دوائر الدولة ، لتسهيل مراجعة المواطنين وعدم أبتزازهم ، فضلا عن تقليص الروتين القاتل في المراجعة ، فيما تساهم هذه الهوية برفع حالة الأزدواجية أو تطابق وتشابه الأسماء التي يعاني منها العديد من الناس ، والتخلص من عملية التزوير الذي يقوم بها بعض ضعاف النفوس لتمرير مبتغاتهم الغير شرعية والغير قانونية ، وأنهاء موضوع جلب صحة صدور من الجهة الصادر منها الكتاب وغيرها ، ولكن يتطلب هنا من المعنيين في هذا الشأن تأمين منظومة الكترونية كبيرة تتمتع بتقنية عالية لخزن المعلومات وقاعدة بيانات مفصلة لكل شخص عراقي ، وتكون هذه المنظومة بأيادي أمينة مخلصة لهذا البلد ، وعدم زجها لبعض الأشخاص الذين لا علاقة لهم بهذا الجانب الذي يعتبر صعبا ومهما وخطيرا ، ولا نجعل من هذه الهوية طريقا جديدا للفساد المالي والأداري من قبل البعض ، كما نتمنى أن توحد هذه الهوية جميع العراقيين دون أستثاء كما كانوا متوحدين فيما بينهم خلال السنوات الماضية ، وذلك من خلال الأبتعاد من ذكر الألقاب أو المذاهب أوالطوائف أو المناطقية وغيرها من التسميات التي تفرق العراقيين وتجعلهم في تناحر لا مببر له ، وبالتالي تبدأ هنا

عملية التوسط والأنحياز والمحسوبية والمنسوية لفئة دون أخرى من خلال المراجعات لدوائر الدولة ، ولنجعل من هذه الهوية أن تحمل عبارة ( عراقي ) في هوية كل مواطن عراقي ، ويتصدر الهوية في الأعلى العلم العراقي فقط ، ونحن على يقين في نهاية المطاف وبعد الأنتهاء من تأمين ومنح كافة الهويات الموحدة للجميع سيكتب لها النجاح وتحقيق أنسيابية واضحة في التعامل لجميع العراقيين دون تمييز ، كون البطاقة الوطنية العراقية الموحدة هي من أهم الوثائق الوطنية للأشخاص والتي تعبر عن أنسانية المواطن وجوهره وكيانه ووجوده .