نحن والفقر و2015

 

في عام 2000، عُقِد مؤتمر القمة العالمي، بحضور كل دول العالم، بما فيها دولة العراق، واقر المؤتمرون أهداف الألفية الثمانية، التي كانت من بينها واهمها القضاء على الفقر، وحدد عام 2015 موعداً نهائياً للإحتفال بتحقيق هذه الأهداف، ويعني ذلك ان بيننا وبين الموعد المقرر ثلاث سنوات تقريباً، لكي يجري تدقيق المنجز.

لكن، ماذا سنقول للعالم ، وماذا سنقدم له من منجزات بخصوص هدف واحد من الاهداف، وهو القضاء على الفقر؟.

بالتأكيد ، سنسمع عن منجزات فئوية، او ذات طابع محدود، ربما تجدها خلف اسوار المنطقة الخضراء ، او في تسلسل قوائم الدرجات الخاصة، فيما ستحجب الرؤية عن اولئك المحرومين من شرائح المجتمع المعدومة التي لم تفقه حتى الآن قيمة الثروات التي تمتلكها بلادها، سوى أرقام تسمع عنها، وتحفظها أحياناً، لكنها لم تجن أرباحها حتى الآن.

وبرغم ان التقارير الحكومية عن معدلات الفقر في العراق لا تعبر عن الحقيقة دائماً، كونها تعتمد على التهوين في الظاهر، وتقليل النسب قدر الامكان، حرصاً على السياسة العامة للدولة، ومقتضيات الأمن الوطني!!، لكنها في كل الاحوال مفزعة ، وتدعونا الى تساؤل منطقي: أين تذهب كل تلك المليارات من الدولارات، مع وجود هذا الحد المخيف تحت خط الفقر؟.

في تقرير صدر مؤخراً عن وزارة التخطيط حددت فيه نسبة الفقر بـ11.5%، وهذه النسبة تتفاوت مع نسب اخرى لجهات مستقلة حددتها بين 35% و50%، ولسنا هنا بصدد التشكيك وانما مجرد العرض، خصوصاً ان هذه النسبة الحكومية قد يقصد منها من هم تحت خط الفقر، بدليل ان الوزارة عدت الفقير هو من يبلغ دخله اليومي أقل من 2.5 دولار يومياً، ومثل هذا المبلغ لا يمكن ان يوفر لقمة العيش،  ناهيك عن متطلبات المعيشة الأخرى.

وفيما يخص متوسط دخل الفرد، اشارت الوزارة في تقريرها الى ان المتوسط يبلغ 4 آلاف دولار سنوياً، وهي بذلك تعتمد على فرضية توزيع موازنة البلاد بين عموم الشعب، فيما اغفلت العاطلين الذين بلغت نسبتهم نحو 66% ،بحسب تقارير نيابية، اضافة الى الذين يحسبون على البطالة المقنعة، ممن ينتشرون في التقاطعات المرورية وعلى الارصفة والورش الآنية كالتي يرتبط عملها ببقاء ازمة الكهرباء.

لجنة العمل النيابية من جهتها اقرت بوجود 4 ملايين عراقي تحت خط الفقر ، وهو رقم كبير بكل المقاييس، لكنه بحسب قناعاتنا ليس الرقم الحقيقي، خصوصاً اننا لا نملك حتى الآن احصاءً دقيقاً يمكن الاعتماد عليه في ذلك، وانما تجرى مقاربات للنسب، لكن 4 ملايين ليس بالرقم الهين بالنسبة لدولة غنية كالعراق، تشكل ميزانيته السنوية ميزانيات خمس دول في المنطقة ، اضافة الى المساعدات السرية والعلنية التي يضطلع بها من دون ذكر الأسماء، ولا حالة البذخ التي يمتاز بها في المؤتمرات والمهرجانات التي تقام على ارضه.

لا شك انه يتعامل مع الغير بإسلوب الدولة الغنية، ويضفي هذه الصفة كذلك على بعض الشخوص ، لكن هناك 4 ملايين تحت خط الفقر، و4 ملايين فوق الخط، وطبقة مصطفاة "تلعب بالملايين" ولا نقصد ملايين الدنانير، وانما الدولارات ، و"بليَّ حسد."

الغريب ان وزارة التخطيط ذكرت حصول ارتفاع في معدلات النمو، وفاتها ان تذكر انعدام التنمية، وهذا خلل كبير يثير الإستغراب من مؤسسة معنية بالتخطيط والإنماء، لكنها يبدو اسم بلا مسمى ،حيث لاتخطيط ولاتعاون إنمائي.

بقي ان نذكر انه لم يبق سوى 3 سنوات على القضاء على الفقر بموجب مقررات مؤتمر القمة العالمي، فماذا نحن فاعلون؟.