جلسَ قبالتي في غرفتي بـ"المشرق" وأخبرني ضاحكا انه بادر مع ثلاثة أصدقاء اتخذوا ركنا لهم في نادي العلوية إلى كتابة "بيان سياسي" شديد اللهجة موجها لـ"الجماهير العراقية المضطهدة!" يطالبها بالثورة والانتفاضة الشعبية ضد الحكومة والعملية السياسية برمتها، وقال لي ضاحكا "قبل أن اخط حرفا واحدا في البيان الأول للانتفاضة طلبنا من النادل ثلاث قواطي بيرة مثلجة، وبعد أن قذفت بأول قدح منها في جوفي الحار سرت في روحي شعلة من الحماس وأخذت اكتب البيان حرفا حرفا وكلمة كلمة وبعد الانتهاء من ديباجة المقدمة اتفقت مع زملائي أن نسطر مطاليب الجماهير ونجحنا في التركيز على عشرة مطاليب ثورية"! قد تبدو هذه الحكاية للبعض من صنع خيالي لكنها في الواقع قصة حقيقية 100%، رواها لي كاتب البيان الأول ومؤسس الحركة التي ما زالت تحمل اسم "....." وتصدر بياناتها بل والأنكى من ذلك بادر البعض ممن صدقوا أكذوبة التنظيم "الثوري الشعبي!" إلى دعم "الدجالين الثلاثة!" ماديا وتمويلهم في إصدار صحيفة ناطقة باسم الحركة! وأضاف "القائد المؤسس!": (بعد أن انتهينا من سهرتنا في العلوية وكرعنا قواطي البيرة المثلجة وانتهينا من كتابة البيان والمطاليب العشرة قررنا طبع البيان وبالفعل طبعناه بنسخ محدودة وركبنا سيارة احدهم وأخذنا نتجول وندور حول مقرات بعض الحركات والأحزاب السياسية المؤثرة في بغداد ووزعنا البيان الأول وانتهينا من جولتنا بعد منتصف الليل وكانت آخر نسخة من البيان قد سلمناها إلى فضائية كبيرة معروفة وتفرقنا كل ذهب إلى بيته)! واستمر في روايته لي قائلا: "ما أن استرحت قليلا في البيت حتى اتصل بي شخصية سياسية معروفة من الكوت يستفسر عن طبيعة هذه الحركة كما اتصل بنا نائب معروف في تلك الليلة أيضا وكنت أجيب عليهم وأنا باللباس والفانيلة واقفا بالهول!" وقال "المؤسس": (ما أثار الانتباه والضجة هو أننا كتبنا في البيان الذي وزعناه أن لدينا قواعد على أهبة الاستعداد لتنفيذ الانتفاضة حال إطلاق ساعة الصفر كما ثبتنا في البيان أساليب الحركة حيث طلبنا من قواعدنا – التي لا وجود لها إلا في خيالنا نحن شريبي قواطي البيرة!- مراقبة منازل ومقرات النواب والوزراء والانطلاق لاعتقالهم حال تنفيذ ساعة الصفر وبالطبع لا أساس من الصحة من كل الذي كتبناه لأننا ما كنا نملك ساعة كتابة البيان والخطط والإنذار إلا قواطي البيرة المثلجة)! ويضيف لي مبتسما: (جاءني اتصال من تلك الفضائية الكبيرة في ساعة متأخرة من الليل يطلبون مني المشاركة في توضيح أهداف "الانتفاضة!" والكشف عن ساعة الصفر.. لكنني اعتذرت للفضائية وعلمت أن نسخة من البيان تسربت إليها عبر مراسلها في بغداد أما كيف تسربت لا أعرف)! قال لي: "هذه ليست المرة الأولى التي نؤسس فيها حركات وأحزاب وانتفاضات ونحن نحتسي البيرة.. بصراحة هي لعبة نلعبها ضد السياسيين الفاسدين.. نؤسس لجانا مركزية ومكاتب سياسية من الهواء ومن أسماء لا وجود لها.."! قلت له: انتم نسخة من "سامكو" ولكن الأول كان يحتال على المواطنين بتشغيل أموالهم مقابل أرباح وهمية وانتم "سامكو سياسي" تشغلون أحزابا مقابل برامج وأهداف وهمية! ضحك وقال: قل ما شئت.. وصف ما شئت.. فعراق اليوم مدينة ألعاب وألعاب الخفة والسحر!
|