كعادتنا في عدم إمتلاكنا للقدرة الكافية لتحليل التقارير الدولية التي تصدرها المراكز والمنظمات العالمية والاستفادة من تجارب الآخرين في الإدارة المدنية والخدمة العامة وقياسات كفاءة الاداء الحكومي وما سيتسببه ذلك في عدم إنضاج الاستراتيجية اللازمة للتنافس مع الحكومات الاخرى في مجالات شتى منها كفاءة الاداء الحكومي وفقاً للمقاييس الدولية ، مع أننا في طور إنضاج الثورة الإدارية في مجال الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين . قبل أيام تم إصدار كتاب التقرير السنوي للتنافسية العالمية لعام 2015، متضمناً المؤشرات التنافسية لـ 61 دولة وبالطبع لم يكن العراق من ضمنها لأسباب يعلمها الجميع أهمها أن العراق غير قادر على الدخول في أدنى مستويات التنافس مع بقية الدول العالم في مجالات السياسات العامة وجودة البنى التحتية والنقل الجوي التقرير الذي يشمل في قياساته أربعة محاور رئيسية وهي الأداء الاقتصادي ، الكفاءة الحكومية، فعالية بيئة الأعمال والبنية التحتية ، حيث تندرج ضمن المحاور الأربعة 342 مؤشراً فرعياً تشمل مختلف الجوانب والعوامل التي تؤثر على هذه المحاور. وغيرها من المؤشرات التي يحتكم إليها مركز التنافسية العالمي World Competitiveness Center التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية بمدينة لوزان السويسرية . ولأهمية تلك المؤشرات في توفير فرص النجاح الحكومي التام وفي جلب الفرص الاستثمارية الكبرى للبلدان العالمية ؛ نرى أن من المفيد جداً أن يتم قراءة تقديراتها لهذا العام مع التركيز على مواطن النجاح العالمي والعربي لتحديد إمكانية الاستفادة من تراكم الخبرات لديها ، حيث أحتلت الامارات العربية المركز 12 دوليا والمركز الاول إقليمياً في هذا الكتاب ، جاء ذلك عبر حصولها على المركز الأول عالمياً في مؤشر جودة البنية التحتية للنقل الجوي ومؤشرات أخرى بنيت أسسها على رؤية ناجحة لإدارة إستثمارات البلاد وتوفير الخدمات العامة الفائقة الجودة وإعتماد معايير الجودة العالمية ذاتها في التعامل اليومي مع إدامة البنى التحتية ودعم الحكومة الالكترونية بشكل متطور جداً كل ذلك أسهم بشكل بناء في رسم معالم الدولة الحديثة للإمارات العربية متفوقة على دول عدة مثل بريطانيا وفرنسا واليابان واسبانيا وروسيا . كذلك فأن الامارات المتحدة تفوقت على أمريكا وبريطانيا في مستوى كفاءة الاداء الحكومي خلال الخمس سنوات السابقة وبتصاعد ملحوظ في إنجازاتها السابقة حين كانت في عام 2011 تحتل المركز 28 عالماً لتقفز في عام 2012 الى المركز 18 وفي عام 2013 و 2014 الى المركز الثامن وهذا العام أحتلت المركز 12 عالمياً . التطور المشهود يصاحبه تصاعد مهم في مؤشرات البنية التحتية لتحتل المركز الاول عالمياً في مؤشر كفاءة الاداء الحكومي لعامي 2013 و 2014 والثالث في عام 2015 . تجربة الامارات العربية تعتبر أنموذج أقليمي مهم بل هو الاقرب عربياً للعراق وعليه فمن الضروري مراقبة مؤشرات نجاح إدائها الحكومي عن كثب عسى أن نتمكن يوماً من وضع الرؤية المناسبة لشعبنا وتحديد مفهوم جديد للمعاير القياسية للإداء الحكومي العراقي وفقاً لتصورات واضعي السياسة العامة في البلد وعلى ما نذكر بأن هناك توجيها حكومياً ، قبل سنوات، بضرورة وجود أقسام للسياسات العامة لدى كل وحدة حكومية علينا مراقبة إداء تلك الاقسام والمديريات وبيان مستوى إداءها من خلال وحدة تنسيق السياسات العامة في الامانة العامة لمجلس الوزراء بعد سنين من إنشائها ومقدار ما أضافته من تطور للواقع العام في البلد . مشكلتنا اليوم تكمن في وضع الرؤية وترجمة الرسائلة وتهيئة الاهداف وتحليل مراكز القوة والضعف في النظام الحكومي وحتى لو تمكنا من ذلك علينا أن نجد أدوات التغيير عبر النظام القوي القادر على دعم القانون وفق مبدأ الثواب العقاب والتحفيز على الانتاجية الكاملة بمختلف جوانبها ، كما أن علينا أن نضع مباديء الثورة المؤسساتية في العمل يتبناها واضعوا الستراتيجية العامة لكل مؤسسة حكومية وخلق مباديء للتنافس المؤسساتي وفقاً لـ (الأداء الاقتصادي ، كفاءة الحكومة، كفاءة الأعمال ، البنية التحتية ) عسى أن نتمكن يوماً من منافسة حكومات العالم فيما تقدمة من خدمات لشعوبها.. حفظ الله العراق
|