( اريد عباتي من ... الهلهلت)




بينما كان متمددا ومستغرقا مع مايدور في ذهنه من امور الزرع والماشية، متخذا من الربعة ساحة لتأملاته، وقد وضع عباءته بقربه، ووضع يده اليسرى متكئا على مخدة الريش، سمع جلبة وهلاهل تستنهض الرجال، وكانت عادة النساء في الجنوب ان يزغردن بصوت عال اذا طرأ طارىٌ ما، فعلم ان الامر من الخطورة مايستدعي ان اتشح بعبائته وهرول خارج الدار، وفي وسط الظلام الحالك كان هرب اللصوص الذين طرقوا القرية باتجاهه، والظاهر انهم لم يأخذوا شيئا من السلف، فصار ان نهبوا عباءته وهربوا، فعاد مارا بالنساء اللواتي اطلقن الزغاريد( الهلاهل)، فقال لهن: (اريد عباتي من .... الهلهلت).
التظاهرات حقيقية، لانها خرجت من بيوت الفقراء، كل المتحمسين هم فقراء، خرجت من بيوتنا التي لم يكتمل بناؤها بعد، من طالب انهى دراسته وهو يتمتع بالبطالة المرة، خرجت من جوع وفقر، من مسكين يستجدي من سياسي حقير على شاشة الفضائيات، من عامل ينتظر ان يقوده احدهم ليعود بقوت عياله، من مهندس تدير به الاهواء وهو حتى الآن لم يحظ بفرصة عيش كريمة، نعم وابناؤهم وابناء خدامهم بخير والف خير، يسافرون ويتعينون ويأكلون، ونحن نضع الشهادات على الجدران، تف عليكم ايها اللصوص، لانكم تلعنون صدام في كل يوم، وهو لم يكن لصا.
من هنا ادعو العبادي الى الخروج في تظاهرات الجمعة المقبلة، والاصطفاف مع الناس، وادعوه ان يهتف باستمرار: يسقط الفساد، لنحتفظ بالعراق، ولنفوت الفرصة على المتصيدين والنفعيين، يبقى رئيساً للوزراء، ويختار كابينة وزارية جديدة، انا اتوقع انه سيتظاهر مع المتظاهرين، اسلوب حضاري سيجنبك ان تحاسب محاسبة اللصوص، والكل يعلم انك نزيه، وانا اول من كتبت ضدك لانني وجدت ان جميع الدول التي مزقت العراق، هنّأتك برئاسة الحكومة، ولكن هذه المرة انا انصحك، ضع خيمة في ساحة التحرير واجلس تحتها ولاتخف، بهذا التصرف ستصون التظاهرات والعراق، وستبعد عنها كل مرتزق.
تعلم ياحيدر العبادي كم طلب صداقة ارسلت اليك في الفيس بوك، وكم دققت في رسالة العيد التي ارسلتها لي لاحظى برقم هاتفك، واكون على اتصال معك، تأكد لن اطلب امراً لنفسي، لكنني سابوح لك بما يفعل الفاسدون، واقول لك وجهة نظر الفقراء والمحرومين، تعرف ياسيادة رئيس الوزراء ان اعداءك ركبوا موجة التظاهرات، وحتى اعداء العراق ركبوها، وواجبك يحتم عليك ان تكون فاعلا، ولن تضيع عباءتك صدقني، ولن تكون مضطرا ان تطلبها من .... التي هلهلت، ستكون قائداُ للتظاهرات، انتفض على الدعوة والتيار والمجلس الاعلى وبدر والمواطن والاسلامي وازح هذه الخزعبلات.
هل انت راض ان نائب رئيس الجمهورية في اجازة مفتوحة خارج العراق ويتقاضى مرتبا ضخما، هل انت راضٍ عن اناس باعوا العراق بابخس الاثمان، وجاؤوا بداعش وتركوك في الميدان لاتعلم اين تدير الوجه، التي هلهلت استنهضتك، فاخرج بعباءة، او بغير عباءة حتى لايسرقها اللصوص، انا لو كنت مكانك لخرجت في التظاهرات، واياك ان يقنعك احدهم بالاستقالة فالمتربصون كثيرون، اخرج في التظاهرة وفوت الفرصة على هذه الحركات المشبوهة من انها تصادر صوت الناس وتضعه في جيبها، ودع من يهلل ، يهلل، ومن يكبر، يكبر، هذا خيارك الوحيد ان تكون بصف الشعب حتى وان كان كافراً.