كفى ضحكا على الذقون |
"عجبت لمن يدخل داره فلايجد قوت يومه كيف لايخرج على الناس شاهرا سيفه" كأني بمطلق هذه الكلمات الصحابي الجليل ابو ذر الغفاري قبل 1400 سنة كان ينظر الى حال الشعب العراقي اليوم في عام 2015 فقد شهدت الايام الماضية خروج الشعب العراقي في مظاهرات بدات بالاحتجاج على سوء الخدمات لتتصاعد سقوف المطالبات الى معاقبة الفاسدين ومستحلي اكل المال العام والذين بفسادهم جعلوا من جنات ارض السواد وبالا على ساكنيها فكان اول رد فعل الفاسدين هو اللجوء الى عباءة الدين والتشكيك بعقيدة من خرجوا للتظاهر مطالبين باقل الحقوق التي يمكن ان يطالب بها البشر ولكن عندما جائهم الرد الصاعق من المرجعية الرشيدة بالدعوى الى الضرب بيد من حديد على ايدي الفاسدين والمنحرفين واكلي السحت الحرام بدات الحكومية باللجوء الى وسيلة حديدة من وسائل السيطرة على الوضع عن طريق اصدار حزمة من القرارات التي تبدوا لاول وهلة بانها استجابة لمطالب المتظاهرين واستجابة لدعوة المرجعية الرشيدة من اجل اقناع الجماهير بالصمت عن طريق الحصول على موافقة الشعب لتطبيق القرارات في وقت لاحق مستغلين نزوع عامة الشعب للأمل الساذج بأن “كل شيء سيكون أفضل، في الغد” وأنه، وفقا لذلك، بالإمكان تخطي تلك الأزمة وفي المقابل تجنب التضحية المطلوبة. وفي النهاية يتيح ذلك فرصة للشعب كي يعتاد على فكرة التغيير والقبول به باستكانة وخنوع عندما يحين وقته. قد يقول قائل ان هذا الكلام فيه نوع من التشاؤم وانه يجب منح الحكومة الفرصة لاصلاح ماافسدته الحكومات السابقة ولكن للننظر الى حزمة (الاصلاحات ) التي اعلن عنها مجلس الوزراء ونرى هل الغاية منها اصلاح وهل سيكون لها اثر على الارض فعلا فقد تركزت القرارات (الاصلاحية) بما يلي : تقليص شامل وفوري في اعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة بضمنهم الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة والمدراء العامين والمحافظين واعضاء مجالس المحافظات ومن بدرجاتهم ، ويتم تحويل الفائض الى وزارتي الدفاع والداخلية حسب التبعية لتدريبهم وتأهيلهم ليقوموا بمهامهم الوطنية في الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين. الغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين منهم حسب تعليمات يصدرها رئيس مجلس الوزراء تأخذ بالاعتبار العدالة والمهنية والاختصاص . أبعاد جميع المناصب العليا من هيئات مستقلة ووكلاء وزارات ومستشارين ومدراء عامين عن المحاصصة الحزبية والطائفية ، وتتولى لجنة مهنية يعينها رئيس مجلس الوزراء اختيار المرشحين على ضوء معايير الكفائة والنزاهة بالاستفادة من الخبرات الوطنية والدولية في هذا المجال واعفاء من لا تتوفر فيه الشروط المطلوبة. ترشيق الوزارات والهيئات لرفع الكفاءة في العمل الحكومي وتخفيض النفقات. الغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فوراً. فتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت اشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد تتشكل من المختصين وتعمل بمبدأ (من اين لك هذا)، ودعوة القضاء الى اعتماد عدد من القضاة المختصين المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين. الطلب من مجلس الوزراء الموافقة على القرارات اعلاه ودعوة مجلس النواب الى المصادقة عليها لتمكين رئيس مجلس الوزراء من أجراء الاصلاحات التي دعت اليها المرجعية الدينية العليا وطالب بها المواطنون في محاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية. والان للنظر الى تلك القرارات ونرى مدى جديتها وهل هي بالفعل تستجيب لمطالب المتظاهرين وتوجيهات المرجعية ان موضوع الحمايات الشخصية او من الافضل اطلاق تسمية المليشيات الشخصية عليها موضوع يقع ضمن صلاحيات رئيس مجلس الوزراء وهو باعتباره القائد العام للقوات المسلحة والمسؤول التنفيذي الاول وفقا للدستور وليس بحاجة الى موافقة مجلس الوزراء او مجلس النواب علما بان تلك الحمايات قد تحولت الى جيوش شخصية فمنذ عام 2003 يتمتع كافة الاعضاء التسعة الذين تولوا رئاسة مجلس الحكم والذين تولوا رئاسة الجمهورية ونوابهم ومن تولوا رئاسة مجلس الوزراء ونوابهم ومن تولوا رئاسة مجلس النواب ونوابهم ورؤساء الكتل البرلمانية منذ الجمعية العمومية التي تاسست عام 2004 ولغاية اليوم بامتياز الحصول على فوج كامل لحمايتهم الشخصية بالاضافة الى كافة اعضاء الجمعية العمومية واعضاء مجلس النواب واعضاء مجالس الوزراء واعضاء مجلس الحكم وبدلائهم امتاز الحصول على عدد من الحراس الشخصيين لايقل عن 30 فردا بالاضافة الى 740 وكيل للوزارة والالاف من المدراء العامين والمستشارين والذين يتمتعون بنفس العدد دن احتساب الحالات الخاصة بالاضافة الى الحمايات الممنوحة للضباط الحاليين والمتقاعدين في وزارتي الداخلية والدفاع ووزارة الامن الوطني وجهاز المخابرات . ان القرار الاصلاحي الخاص بتقليص الحمايات لم يحدد ما هي نسبة النقليص اذا علمنا ان الفوج الواحد 1800 فرد فهل ان تقليص 10 او حتى 50 بالمئة سوف يؤثر على هذا العدد علما بان كافة العناوين المذكورة تسكن داخل المنطقة الخضراء المحصنة ؟ إلغاء المخصصات الإستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة ولكن ماهي هذه المخصصات وماهي المخصصات الاستثنائية وماهي غير الاستثنائية فهل ان مخصصات المنصب من ضمنها ام لا وهل مخصصات السكن ومخصصات الملابس من ضمنها علما بان هذه المخصصات قد تم اقرارها في قانون الموازنة العامة وصدرت بقانون وان الغاؤها يجب ان تم بقانون ولايمكن ان يتم الغاؤها بقرار وهل ستشمل الرواتب التقاعدية الخرافية التي يتمتع بها الرؤساء السابقين ورؤساء الحكومة واعضاء مجلس الحكم واعضاء الجمعية العمومية واعضاء مجالس النواب ومجالس الوزراء ؟ فقد تضمن الدستور العراقي ثلاث مواد تتعلق بامتيازات الرئاسات الثلاث وأعضاء مجلس النواب، الأولى المادة (63) أولا التي تنص على أن تحدد حقوق وامتيازات رئيس مجلس النواب ونائبيه وأعضاء المجلس بقانون، والثانية هي المادة (74) التي تنص على أن "يحدد بقانونٍ راتب ومخصصات رئيس الجمهورية، والثالثة هي المادة (82) ونصها "ينظم بقانون رواتب ومخصصات رئيس وأعضاء مجلس الوزراء، ومن هم بدرجته.فاذا علمنا على سبيل المثال ان الراتب الشهري الذي يتقاضاه رئيس الجمهورية الأسبق، غازي عجيل الياور، يبلغ 100 مليون دينار، فيما يتقاضى رئيس الجمهورية السابق، جلال الطالباني مبلغ 85 مليون دينار شهرياً. كما ان رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) السابق، حاجم الحسني، يتقاضى راتباً تقاعدياً يبلغ 70 مليون دينار شهرياً، كما يتقاضى رئيس مجلس النواب السابق، اياد السامرائي، ذات المبلغ، كما ان نواب رؤساء الجمهورية ومجلس النواب يتسلمون رواتب تقاعدية مقاربة لهذه المبالغ ويبلغ الراتب التقاعدي للنائب في العراق نحو 6 آلاف دولار شهرياً، بينما يتقاضى الوزير المتقاعد نحو 8 آلاف دولار كما يتقاضى نواب رؤساء جمهورية وبرلمان سابقون رواتب تقاعدية متقاربة من هذه المبالغ اما مايتعلق بأبعاد جميع المناصب العليا من الهيئات ووكلاء الوزارات ومستشارين ووزراء عامين من المحاصصة الحزبية والطائفية فهو امر اقل مايمكن عنه انه نكته فنرى ان تلك المناصب اصبحت وسيلة لمكافأة كل من رفض الشعب اعادة انتخابهم ليتم منحهم تلك المناصب في تحدي سافر لارادة الشعب الذي رفض وجودهم في مجلس النواب ليتم منحهم مناصب تمكنهم من الاستمرار في التمتع بثمار المال العام وليس هناك حاجة لاستعراض اسماء هنا فهي اشهر من ان تعلن بالنسبة لترشيق الوزارات لم يتكرم علينا خبراء القانون بتحديد معنى مصطلح الترشيق وهل يشمل مثلا السادة ابناء واشقاء السادة السياسيين ممن حولوا السفارات والملحقيات العراقية في الخارج الى اقطاعايات عائلية بحيث وصل عدد افراد عائلة واحدة في السفارة العراقية في احدى الدول المجاورة للولايات المتحدة الى 31 فرد وهل يشمل افراد الاقطاعيات السياسية ام يقتصر على افراد الشعب المسكين ؟ بالنسبة لإلغاء مناصب نواب رئاسة الجمهورية ونواب رئيس الوزراء فهو عمل مخالف للقانون حيث ان نواب رئيس الجمهورية قد تم تعيينهم وفقا للقانون رقم (1) لسنة 2011 (قانون نواب رئيس الجمهورية ) تنفيذا لأحكام البند (ثانيا) من المادة (69) من الدستور والذي نشر في الجريدة الرسمية (الوقائع العراقية) بعددها ذي الرقم 4174 الصادر بتاريخ 24/1/2011. بالنسبة لفتح ملفات الفساد فهو امر لايحتاج الى موافقة مجلس الوزراء او النواب بل هو واجب على السيد رئيس مجلس الوزراء بصفته الرسمية والشخصية وان اي تقصير او تاخير في فتح تلك الملفات يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون العراقي الذي اقسم السيد رئيس مجلس الوزراء على حمايته والعمل موجبه . الطلب من مجلس النواب المصادقة على تلك القرارات هو نوع واضح من التسويف فقرارات مثل تحفيض اعداد الحمايات او الامتيازات تدخل ضمن صلاحية رئيس الوزراء الواردة في المادة 78 من الدستور باعتباره المسؤول الاول عن السياسة العامة للدولة ولا تحتاج الى اصدار تعديلات قانونية او تعديلات دستورية اما فيما يتعلق بنواب رئيس الجمهورية فان الامر يتطلب اصدار قانون اذن مالذي سوف يحصل بعد صدور تلك القرارات ( الاصلاحية ) ان السيناريو الذي وضعه اساطين المستشارين هو تسويق تلك القرارات لامتصاص النقمة الشعبية وتهدئة ردة فعل المرجعية عن طريق ارسال تلك المقررات الى مجلس النواب الذي سيقوم بناء عليها بتشكيل لجان لدراستها وبعد ذلك التصويت عليها ثم بعد ذلك اذا استمرت النقمة الشعبية سوف يعلن عن المصادقة عليها لتهدئة الشارع ومنحه شعورا بالانتصار ليتم بعد ذلك الطعن بها امام المحكمة الاتحادية التي لن تجد امامها سوى نقضها نتيجة للعوار الذي اشرنا اليه وبذلك يصبح القضاء كبش الفداء الذي يوجه له اللوم ويتاح للفاسدين الاستمرار بالتمتع بامتيازات السحت الحرام . لذلك على الشعب ان يعي الطريق الذي يراد له ان يسير فيه ويجب الاستمرار بالضغط الواعي حتى تستجيب الحكومة استجابة واضحة لالبس فيها وان يتم الاتجاه الى الاصلاح الحقيقي وان يتم بالفعل الضرب بيد من حديد على ايدي الفاسدين وسراق المال العام . |