بين الحوار والقبول بالأخر وحدتنا تنهض من جديد


أن الإشارة القرأنية الكريمة; وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، تعني أهمية وضرورة الحوار بين الناس والشعوب، من أجل الوصول الى نتيجة التعارف، الذي لا يمكن أن يكون جدياً وعميقاً، من دون أن يبنى على حوار جاد، ومستمر بين المتعارفين.
أعتمد الحوار مع الأخر، في أدبيات الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948، والعهدان الدوليان الخاصان بالحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام 1971، وأصبح ألالتزام به أخلاقي، وقانوني، ومرجعية هامة لجميع الدول، من اجل اعتماده في تشريعاتها المحلية، ومختلف التدابير الادارية.
يمر العراق اليوم بمتغيرات كثيرة، أنتجت تحديات وصراعات عديده، وامتدت تلك الصراعات في جميع نواحي الحياة الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، وبلا شك، أخطرها التحديات الفكرية والثقافية، التي نعاني منها اليوم.
الحوار هو قيمة أخلاقية، ترتقي بالنفس الى أعلى مراتب التفاهم بين البشرية، فهو وسيلة للتعرف على الاخر، والتفاعل، والتثاقف، والتعاطي الايجابي، ويؤمن بالحق في الاختلاف، ويكرس التعددية، ويؤمن بالمساواة، وهي جزء أصيل من أحترام حقوق الانسان، التي تدخل في أطارها احترام مشاعر الاخرين.
أصبح الحوار هو حاجة ملحة، لكي يعرف كل منا حقيقة ذاته، وصورته عن الاخر، وهذا الحوار يجب أن يكون مبنياً على حرية الاختيار، وشرعية الاختلاف، والتخلص من عقدة الذنب، والتخلي عن الاسلوب الدفاعي عن النفس، والانتقال الى الدفاع الوطني.
العقلانية مطلوبة، في التعامل مع الشريك، والمكون، الذي يمتلك في هذا البلد ما تمتلكه أنت، وعلى الجميع أن يعي خطورة المرحلة، ويستفيد من حكم النظام البعثي، الذي أعتمد على مكون واحد، وألغى جميع الشركاء الاخرين.
التقاتل، والتناحر، المذهبي والطائفي، لم يجلب سوى الدمار والخراب، منذ بدء النظام الجديد في عام 2003 الى اليوم، وهذه الحقيقة تجعلنا في ريبة من أمرنا، وحيرةً كارثية، بنفس الوقت، لانها تدل على أن تراكمات النظام السابق لازالت، تسرح وتمرح في مخيلات أفكارنا.
تقاسم المشتركات، والتخلي عن الهويات، في قبال الوحدة، والحوار، والقبول بالاخر، هو الحل الوحيد للخروج من أزمتنا الحالية.
موجة الارهاصات، والمعضلات، التي تعاني منها جميع دول المنطقة، تجعلنا نراجع حساباتنا الف مرة، لكي نتوصل الى نتيجة مهمة مفادها ;
من هو الرابح، و من هو الخاسر من تفرقنا وتشتتنا بدون سبب؟