الإعلام يرفع من شأن السيستاني على حساب الجماهير ... البغدادية نموذجاً

الجميع يعلم انه و بمجرد أن وطأت أقدام المحتل الأمريكي ارض العراق حتى انفتح بابه للسيستاني على مصراعيه ليأخذ قدم السبق و موقع الصدارة في تحريك الدولة و بكل مفاصلها و معه مؤسسته الدينية المتكونة من منظومة معتمدين و ممثلين و دخلت معهم على الخط أحزاب و جهات سياسية . ومع أن سلطته و سطوته ونفوذه تعزز سنة بعد أخرى على المستوى السياسي و الإعلامي و الاقتصادي إلا انه لم يحرك ساكنا تجاه ما يراه و يطلع عليه من وضع البلاد و ما يحصل فيها من انهيارات أمنية و اقتصادية أخذت تتنامى شيئا فشيء على يد حكومة و دستور هو من أسس وطبل له بفتاوى شرعيه . و عندما حصل تحرك جماهيري و حراك شعبي واسع في 25فبراير 2011 كردة فعل على تدهور الأوضاع و انتشار الفساد تعامل السيستاني مع الشارع بطريقة تذويب الحراك و تمويعه وشاركت معه كل المرجعيات الأخرى ألموالية للسيستاني و تم لهم ذلك بمشروع المائة يوم و مشروع الستة أشهر ليجهضوا بذلك حراكا كانت الظروف في حينها أكثر تهيئا" لنجاحه . و بعد أن اخذ الوضع الأمني والاقتصادي و السياسي منحدرا خطيرا تمثل بسقوط ثلث البلاد بيد تنظيم داعش التكفيري و إفلاس موازنة الدولة لسنتين متتاليتين بدأ الحراك الجماهيري يتنامى مع بداية منتصف عام 2015 الحالي و بشكل عفوي في حين أن السيستاني اتخذ موقف الصمت تجاه ذلك الانحدار و الانهيار و لكن ما أن تصاعدت وتيرة الاحتجاجات و التظاهرات الشعبية حتى عمت محافظات الوسط و الجنوب و في مقدمتها الحبيبة بغداد و حملت في شعاراتها المؤسسة الدينية المسؤولية بشعار ((قشمرتنه المرجعية و انتخبنا السرسرية ) و الذي أثار مخاوفها من وعي الشارع ليصرح السيستاني قبل يومين و على لسان عبد المهدي الكربلائي بتوصياته للعبادي لتنفيذ مطالب الجماهير . الأمر الذي يشير وبوضح إلى أن الجماهير و بحراكها العفوي هي من أجبرت السيستاني على الخروج من صمته و سباته مضطرا لركوب الموجة لتبادر بعد ذلك جهات و وسائل إعلام و في مقدمتها البغدادية إلى قلب الحقيقة و سرقة الجهود و تجييرها لصالح السيستاني مدعية انه هو من حرك الجماهير ضد الحكومة لتبدأ مؤسسته الدينية و اذرعها التي اشرنا إليها بما فيهم جهات سياسية محاولة ركوب الموجة و سرقة الجهد و الخروج بمظهر القائد و المحرك للجماهير و بلباس الدين و عنوان المرجعية الذي كان هو أصلا السبب بما وصل إليه البلد و هذا بحد ذاته بادرة سوء و جرس إنذار بالخطر على تذويب الحراك الجماهيري لصالح السلطة و أحزابها و سرقة علنية لجهود الآلاف من نخب العراق من محامين ورجال قانون و إعلاميين و فنانيين و أطباء و مهندسين و أكاديميين تمخض حراكهم المستمر منذ أكثر من شهرين عن هذه الثورة البيضاء ليتم تجييرها على يد وسائل الإعلام المأجورة باسم المؤسسة الدينية لتسلب روح الاندفاع و العطاء الذي انطلقت به تلك النخب و تقضي على مشروع التغيير الجذري الذي تبنته النخب و الكفاءات و أعلنت عنه بهتافاتها و شعاراتها و المتمثل بتحقيق مشروع الدولة المدنية و عزل رجال الدين عن المشهد و الذي التف عليه السيستاني من خلال توصياته التي تعتبر حلولا ترقيعية يعلم السيستاني نفسه انه لا قدرة على تنفيذها وان نفذت فلا جدوى منها .