( لاعندي ازمال، ولااخاف من الصخرهْ)

 

والصخرهْ، هي السخرة وتعني تشغيل الناس او الحيوانات دون اجرة، وفي هذا يحكى ان فيضانا طاغيا اجتاح بغداد في العهد العثماني، فجدت الحكومة لجمع الحمير على طريقة السخرة في ذلك العهد، وعندما حضر ثلاثة من الجندرمة الى جانب الكرخ لجمعها، فرَّ اكثر اصحاب الحمير، فلاقوا احد المارة، وطلبوا منه الهرب معهم، فلما سألهم عن السبب، اجابوه بما حدث، فاستمر في سيره الاعتيادي، غير هيّاب ولا وجل، وهو يردد: (لاعندي ازمال، ولا أخاف من الصخرهْ).

كلام كثير حول منع السفر للمسؤولين، وكلام آخر حول استعداد بعض الوزراء والنواب للسفر، ومنهم من ابتعد اكثر من هذا، فراح يعدد ان سبع وزراء هربوا خارج العراق، واكثر من هذا ادخلوا السفارة الاميركية في الامر وقالوا انها وزعت قواتها على المطارات لمنع المسؤولين من السفر، ومن المؤكد فان من يمتلك حماراً في هذا الفيضان الجارف، سيهرب خوفاً من السخرة، ومن كان مثل صاحبنا بلا حمار ولاخطيئة سيستمر في عمله غير هيّاب ولا وجل.

الامور تتطور والاحداث في تصاعد مستمر والمتظاهرون لايريدون ترك فرصة للعبادي لالتقاط انفاسه والتفكير بشكل عقلاني، انهم يضغطون بشكل مستمر من على شاشات الفضائيات وعلى صفحات الفيس بوك، وهذا لعمري سيؤدي الى نتائج عكسية، فالرجل صلاحياته محدودة وهم يطلبون منه الكثير، ويومياً يهددون برفع سقف المطالبات، ما سيؤدي الى توتر كبير وستضطر الاحزاب الى الدفع بمؤيديها للتظاهرة المضادة، وعندها سيحدث الاحتكاك المخيف الذي سيعصف بكل شيء.

على المتظاهرين في الدرجة الاولى ان يبتعدوا عن استنساخ تجربة الانبار، وان يعطوا العبادي فرصة للعمل، لانه بدأ بداية رائعة مع حزمة الاصلاحات ، وحصل على موافقة مجلس الوزراء عليها، وانا اعتقد ان حمامة السلام العراقية نقلت للعبادي موافقة اميركا على الاصلاحات الاخيرة، وهذا امر مهم جدا، ويعني ان هناك الكثير في الطريق، الا اذا كانت البطاقة الخضراء التي ارسلتها اميركا للعبادي تشبه البطاقة الخضراء التي اعطتها لصدام عند دخوله الكويت، عندها يكون لكل حادث حديث.

من الضروري ان تكون الجمعة المقبلة، هي جمعة التقاط الانفاس، او استراحة الجولة الاولى، ليعمل رئيس الوزراء بلا تشويش، وكذلك لنرى مليا ردود الافعال التي ستصدر من الكتل السياسية الكبيرة، وعلى اساسها يستطيع المتظاهرون ان يعقدوا العزم على الاستمرار في التظاهرات مع جمع اخرى آتية، للوقوف الى جانب العبادي في قراراته الجديدة التي ستتمخض عن الحراك الذي سيقوم به، ومن المؤكد ان كتلا اسلامية كبيرة ستنهار، وستعلو على السطح كتل اخرى واحزاب وتيارات، مايستدعي اعادة النظر بالعملية السياسية برمتها.

الان الضوضاء كبيرة جداً، واختلطت الكثير من الاشياء، ولم نعد نميز بين من يمتلك حماراً للسخرة، من الذي لايمتلك، والفوضى الاعلامية التي نمر بها ، لا اعتقد انها تخدم احداً، خصوصا اعمال التسقيط المقصودة التي تقوم بها بعض الفضائيات، والدور المشبوه الذي تحاول ان تتلبسه، وهو دور الشرطي، حتى انها نصبت بنفسها محكمة لمحاسبة الفاسدين، واصدرت احكامها باعدام فلان وفلان، وهذا لعمري دور مشبوه، وعلى المتظاهرين ان يضعوا حداً لهكذا وسائل اعلامية ليحافظوا على نظافة تظاهراتهم من الدنس وعهر الاحزاب القديمة، والماعنده ازمال مايخاف من الصخرهْ.