جذور الفساد المتأصل في العراق

لا يمكن ان نطلق جزافا ان الفساد في العراق وليد اليوم او نشا وترعرع بعد سقوط النظام بل له جذوره المتأصلة وأسبابه الموضوعية التي هيأت ليكون بهذا الشيوع والمستوى ، فالفساد نشا منذ ان اندلعت الحرب العراقية الإيرانية حيث قام بعض الجنود العراقيين من ضعاف النفوس برفع المصاحف من باب البيوتات الإيرانية التي تركها أصحابها فرارا من الحرب وسرقة محتوياتها ، والفساد نشا منذ غزا العراق الكويت ونهب مصارفها ومتاجرها ومعارضها ووزع بعض المواد الغذائية المنهوبة مع مفردات البطاقة التموينية على الناس ، أي الشعب العراقي أكل الحرام البعض باختياره كالسراق واللصوص والبعض اجبر على ذلك من دون أرادته او بدون علمه ، تصور أكل الحرام ماذا ينتج عنه ؟ وأمامنا قصة رجل الدين الذي كان له ولدا شريرا سارقا معتديا فاحتار في أمره حتى سال أمه عنه فاحترفت بأنها أثناء حملها به سرقت تفاحة من البقال المجاور لبيتهم ، فتفاحة واحدة فعلت فعلها بابن الشيخ فكيف لنا بأناس في العراق دمهم ولحمهم نمى من السحت الحرام ، والفساد ترعرع وازدهر عندما غزتنا أمريكا وسمحت لضعاف النفوس ان ينهبوا ممتلكات وموجودات بلدهم المحتل ونقلت هذه الحالة المشينة عبر الفضائيات ، والفساد ترعرع عندما سرق بريمر سبعة عشر مليار دوار من الأموال المخصصة لأعمار العراق ، اذن الفساد له ستراتيجة منظمة تبناها النظام السابق باجراته الطائشة واليوم أمريكا تراعها وتحمي من يقوم بها بشكل أصبح معروفا للجميع ومفضوح وسيناريو تهريب ايهم السامرائي من سجنه في العراق من قبل القوات الأمريكية ليس بزمن بعيد علينا والاحتضان والحماية نفسها حصلت للشعلان والجبوري وغيرهم فكل سارق من خيرات العراق تراه ينعم بالعيش الرغيد في أمريكا فإذا أردت ان تعرف السراق واللصوص الكبار فابحث عن مكان أقامتهم بعد مغادرتهم العراق ؟ ستجدهم في أمريكا ولا شرطة الانتربول او غيرها تصل اليهم مهما طالبت الحكومة العراقية بهم ، اما من تساوره نفسه الشريرة في السرقة دون تخطيط وحماية أجنبية فانه يصبح في قبضة العدالة العراقية خلال ايام كما حصل لزينه سارقة أموال أمانة العاصمة ، مجلس الوزراء السابق والحالي حرص ان يعطي الأولوية في الميزانية للكهرباء كما حرص ان يتولى الوزارة شخصيات فنيه بموضوع الكهرباء املآ ان تتحسن الخدمات المقدمة للمواطن في هذا الاتجاه لكن الأمور على ما يبدو آتت بنتائج معاكسة تماما فالأموال نهبت وأصبحت الأعم الأغلب منها في جيوب السراق والخبرة الفنية للوزراء لم تجدي نفعا بالمرة فماذا تفعل الحكومة لهؤلاء وهل هناك أمكانية للدخول في ضمائرهم والاطلاع على سرائرهم ونواياهم ؟ فقد كنت أحاكي نفسي مرارا لماذا قطاع الكهرباء يخالف قوانين الإنتاج الاقتصادي ؟ حيث المعروف ان المنتج له خياران اما تثبيت التكاليف وزيادة الإنتاج او تثبيت الإنتاج وتخفيض التكاليف لكن في وزارة الكهرباء كانت التكاليف تزداد والإنتاج يقل على مدى السنوات السابقة حتى صرفت حسب قول السيد وزير المالية أكثر من سبعة وعشرون مليار دولار تكفي لشراء شقة مؤثثة لكل عائلة عراقية في أوربا والمبلغ سيكون أكثر من الضعف لو أضفنا عليه ما ينفقه المواطن من وقود وشراء مولدات شخصية علاوة على الآثار السلبية للبيئة .
ان الفساد الذي نما في قطاع الكهرباء من اشد واخطر الفساد لأنه يعطل بناء البنى التحتية ويوقف المشاريع الاستراتيجة ويقتل الناس المرضى ويشل حياة العاملين فالقائم به خائن بجريمة الخيانة العظمى للبلد وجرمه يعد جريمة إبادة جماعية ضد الإنسانية .
اليوم مسؤولية الفساد المالي تقع على الكل بما فيهم الحلقات الفنية الصغيرة من المهندسين والاستشاريين الذين يعطون المواصفات المطلوبة للتعاقد للمراجع الحكومية العليا وعلى الحكومة ان لا تعطي صلاحيات تعاقدية بمثل هكذا مبالغ كبيرة والمطلوب من سفارتنا في دول العالم ان تنشط لمعرفة مستوى الشركات وإمكانياتها الفنية لغرض أبداء النصح في التعاقد معها كما يقع على عاتق وزارة الخارجية مطالبة أمريكا باسترجاع الأشخاص الذين حكم عليهم القضاء العراقي بسرقة أموال الشعب وخاصة في قطاع الكهرباء لتقطع أيدهم ألاثمة نكالا لجرمهم الشنيع .
وأخيرا ورغم الألم الذي سببه لنا السراق واللصوص الا ان العراق بخير ويحفل بالطاقات الوطنية المخلصة على مستوى الناس البسطاء او على مستوى القادة السياسيين وسنقول لهؤلاء السراق التعساء ان لم تستطع يد العدالة العراقية ان تنال منكم لاحتمائكم بالمحتل فان يد الله حتما ستنال منكم في صحتكم وشرفكم لا محال .