ايران وزيارة المالكي المشبوهة

في خضم الاحداث الجسيمة التي تعصف بالعراق، من مظاهرات وتفجيرات دموية وإصلاحات يقوم بها حيدر العبادي في حكومته،نزولا عند طلبات المتظاهرين ،تاتي عملية استدعاء نوري المالكي (بلا صفة رسمية مقال )،الى ايران بدعوة ملفتة للنظر من اعلى مرجع ديني هو الخامنئي واعلى مرجع رسمي هو حسن روحاني رئيس جمهورية ايران،وعلى وجه السرعة ،في وقت اصدر حيدر العبادي امرا،يمنع فيها سفر المسؤولين من هم بدرجة مدير عام فما فوق ،وقد رأينا قبل الزيارة بيومين منع المالكي في مطار المثنى الدولي من قبل ام المطار ،من السفر الى سورية ،او ايران،فكيف حصلت الزيارة ،في هذا الوقت الملتهب والمتفجر في العراق، ولماذا في هذا الوقت ،وماهي المهمة التي سيكلف بها نوري المالكي لاحقا،في تنفيذ اوامر الولي الفقيه الايراني ،اذا ما علمنا ان ما نشرته الصحف الايرانية على لسان مستشار الخامنئي علي اكبر ولاياتي واصفا بها (الدور الاستثنائي) الذي يقوم به وقام به نوري المالكي في المنطقة ، وانه من القادة الاسلاميين المهمين في المنطقة،وقد منع سقوط بشار الاسد والعراق في قبضة الارهابيين ،وومجدا بدور المالكي في حكم العراق ابان ولايتيه الماضيتين،وكيف خدم بهما ايران ومشروعها الصفوي التوسعي وتمددها في المنطقة ،وماهي انعكاسات ونتائج زيارة المالكي الى طهران على لهيب الثورة العراقية الباسلة التي هزت عروش طغاة ايران وأحزابها وميليشياتها في العراق ،وكيف ارعبتهم وجعلتهم يتراجفون من تداعياتها ،وكيف وصفت الثورة بان من يقودها هم(الكفار)، هذه الاسئلة وغيرها يجيب عليها مقالنا هذا ،برؤية سياسية منفتحة وتحليل عقلاني هاديء ،في جو سياسي ملهب ،ونبدأ من اصلاحات العبادي والبرلمان الترقيعية كما وصفناها في مقالنا السابق،والتي لا تعدوا الا ذرا للرماد في العيون،خاصة وان العبادي ظهر في اجتماع لدولة القانون مع المالكي جنبا الى جنب،وهي القشة التي كسرت ظهر المظاهرات التي ملأت شوارع المحافظات الجنوبية ،مطالبة (بإعدام المالكي) ،وإحالته الى القضاء بتهم لها اول وليس لها اخر ،مثل سقوط الموصل بيد داعش وجريمة سبايكر والحويجة والموصل والفلوجة والزركة، وعشرات الجرائم الاخرى التي تعد من جرائم الابادة الانسانية الجماعية ،قد اجهض هذا الاجتماع احلامها ،وأيقنت ان حيدر العبادي ليست لديه قناعة وقوة وإرادة حقيقية لمحاكمة ومحاسبة وإحالة نوري المالكي الى القضاء ،لذلك وعلى اثر هذا الاجتماع ،تم الاتفاق  الى ايفاده الى طهران وتلبية دعوة الخامنئي وروحاني،فماذا يفعل المالكي في طهران ،وماهي مهمته بالضبط،خاصة بعد تصريحات على اكبر ولاياتي،الاكيد ان هناك دور اكبر للمالكي في المرحلة المقبلة اي مرحلة ما بعد التظاهرات التي يراد لها ان تقمع وتنتهي بإحياء من المرجعية ،وتنفيذ من الميليشيات ،وقد شاهد العالم كله،هجوم الرعاع من الميليشيات وعناصر الاحزاب الطائفية الى ساحات وشوارع التظاهرات ،والاعتداء على المتظاهرين بالهراوات والسكاكين والعصي والسلاح الحي ،من اجل تخويف وإيقاف الثورة ،والسبب هو ظهور هتافات قوية جدا بعثت رسائل خطيرة الى حكام طهران ان شعب العراق يرفض الاحتلال الايراني للعراق،ويرفض احزابها ورموز تلك الاحزاب،وهذا ما ارعب حكام طهران،فهتافات (ايران برة برة كربلاء تبقى حرة او ايران برة برة بغداد تبقى حرة او عمار عمار شيل ايدك اهل البصرة وكربلاء ما تريدك او يا مالكي يا زبالة يا قائد النشالة ) نهي رسائل واضحة على نهوض المشروع الوطني العراقي،ودحر المشروع الديني التوسعي الايراني،وهذا ما جعل ايران وقادتها تهاجم التظاهرات وتصف من يقودها (بالكفار)، اذن زيارة المالكي تدخل مباشرة في هذا الجو الايراني المفاجئ وربما عنف وتعنف اذنابها ورؤساء احزابها في العراق عن هذا الرفض العراقي الاستثنائي لتدخلات ايران وأحزابها ،خاصة وان المتظاهرين قاموا بتمزيق صور خميني المقبور وخامنئي في شوارع العراق، وأمام كامرات الفضائيات،وهذا بحد ذاته اندحار وعار للاحزاب التي تقود البلاد منذ عام 2003،والتي فشلت فشلا ذريعا في كسب ود العراقيين(الشيعة منهم على اقل تقدير) ، وهذا فشل اخر لحكام طهران وملاليها،لذلك تاتي عملية استدعاء المالكي في هذا السياق والتصدي لهذه المهمة الصعبة،فكما قام المالكي بقمع وقتل متظاهري المحافظات المنتفضة الستة ،سيقوم بنفس المهمة تماما،علما ان الاعلام الايراني سرب معلومات مضللة يسودها الدجل والتمويه عن الزيارة،على انها للضغط على العبادي ،وإقناعه بعدم المس بالمالكي او محاكمته،او توجيه له اي تهمة في الفساد او غيره ، وهذه فرية ايرانية لاتنطلي على العراقيين وثورتهم المباركة ،اذن مهمة المالكي تتعدى الروتينية التي ارادت ايران تمريرها علينا،انها لمهمة اصعب تتعدى ايضا قمع تظاهرات العراق نالى المحيط العربي في سورية والخليج،بعد ان سوق (ولاياتي مستشار خامنئي) الدور الجديد للمالكي واصفا اياه بالقائد الاسلامي الذي تعول عليه ايران وانقذها من سياط العقوبات الدولية ،هذا هو الدور الجديد للمالكي ،الذي سيبلغه له خامنئي شخصيا في طهران ،ويعطيه الشرعية الدينية لقيادة العراق حتى من خلف الستار ،وما العبادي،الا واجهة ايرانية لدور المالكي التخريبي في العراق والمنطقة،وهذه هي المهمة الجديدة للمالكي،وهذه هي الاسباب  الخفية للزيارة المفاجئة لنوري المالكي لايران،طيب وما انعكاسات هذه الزيارة على ثورة وانتفاضة العراقيين، نقول بكل ثقة ان الزيارة المشبوهة للمالكي،لن توقف زحف الثورة السلمية الناعمة،فالعراقيون عرفوا طريق الخلاص من الطغمة الفاسدة التي نهبت وقتلت العراقيين طوال ثلاثة عشر عاما ،بدعم وإشراف ايراني واضح ونفوذ ايراني واضح،ومعلن على لسان ميليشياتها وأحزابها واذرعها ومريديها ،التي عاثت فسادا وقتلا وتهجيرا بالعراقيين دون تمييز، وهي السبب الرئيسي بظهور داعش وإسقاط مدن عراقية كبيرة بيده ،وما تصريحات اوباما من ان المالكي هو السبب الرئيسي بزرع ونشر الطائفية إلا دليل واضح ،على عمق مأساة العراقيين تحت سلطة طغمة طهران المتمثلة بالمالكي وحزبه العميل لها ،وبعدها اعترف اوباما وادارته،من ان ايران هي الرابح والمستفيد الاكبر من احتلال امريكا وغزوها للعراق،اذن بغض النظر عن ما ستسفر عنه زيارة المالكي للخامنئي،وتكليفه بدور اكبر في العراق والمنطقة،الا ان وعي العراقيين والحرص على ديمومة الثورة اعلى من مخططاتهم  ضد الامة العربية عموما ،والعراق خصوصا ،اما اصلاحات (اخونا العبادي)،فقد سخر منها الجميع وعرف حجمها الذي لا يتعدى الحيتان ألصغيرة والمناصب الصغيرة والإجراءات الادارية التافهة،اما الحيتان الذين ،شخصهم الشارع العراقي بثورته،فلا يستطيع لا العبادي ولا مجلس نوابه الكسيح من التقرب لهم ،لان (المعلان الايراني بظهرهم)، هذه هي الحقيقة التي لا يريد ان يكشفها العبادي لنا ،علما انها لا تنطلي علينا مثل هكذا الاعيب وأضاليل وافتراءات، الهدف منها التعمية على القضية الاكبر، والرأس الاجرامي الاكبر في العراق وهو نوري المالكي وزمرته وعصابته الاجرامية