هل ان الثورات تقدم الى الأمام ام نكوص الى الخلف ؟ مما لاشك فيه ان معيار اي ثورة ان كانت فعلا ً ثورة ام انقلاب ام مؤامرة هو نتائجها وما تسديه لعامة المجتمع من منجزات ،فأن تفوقت على الواقع السابق فممالاشك فيه انها ثورة ونقلة الى الأمام وان عانت ووجدت صعوبة في الوقوف والعودة الى الحياة الطبيعية وتذمر الناس منها فهي انقلاب اسود غير الأوضاع من سيئ الى أسوء منه ،وان غيرت الأمور الى واقع لايوعد الى بالدم والأحتراب والتجزئة وعدم الأستقرار والويل والثبور فهو مؤامرة كبيرة . ان ماحصل للشعب الليبي هو مؤامرة كبيرة مست صميم واقعه وسلمته لقمة سائغة لعصابات الأرهاب والتكفير ،وكان العرب من المشتركين و اللاعبين الأساسين فيها ،فهم لم يجلسوا متفرجين على شعب يذبح وتغتصب حقوقه فقط بل شاركت مؤسساتهم الرئيسية في ايجاد واجهة رسمية لتدخل الدول الغربية في اسقاط حكومته المعتمدة والموافقة على قصف الطائرات الأوربية الحديثة للعاصمة ،وكان والحال هذه ان تأمل الشعب الليبي مشاركة عربية فاعلة في إعادة البلاد الى بر الأمان وتكوين حكومة وطنية تخدم تطلعات الشعب الليبي ،وهذا تأسيسا ً على المشاركة الفاعلة في اسقاط الحكومة السابقة ،غير ان ماحصل هو ترك الشعب الليبي للتمزيق والويلات وليس هذا فقط بل ان دول عربية ثرية استخدمت ثرواتها في زيادة هدم بنى البلاد التحتية والعمل على تثبيت ركائز الأرهاب فيها ! ان ليبيا بحاجة ماسة اليوم الى مؤازرة العرب في تسليح الجيش الليبي للعودة بالبلاد الى الحالة الطبيعية ،من حق المراقب ان يتسائل عن اسباب مايحصل للدول الرئيسية العربية كمصر والعراق وسوريا وليبيا واليمن ، ولماذا هذا التكالب على تخريبها وتجزئتها والقضاء على جيوشها . الدول الغربية لاتزال ترسم مأساة ليبيا : لايزال العرب اسيري مواقف الدول الغربية التي تقودها الدول الست (الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا) التي أصدرت بيانا عشية الاجتماع الوزاري العربي بعدم التدخل في الشأن الليبي أو تقديم أي دعم عسكري، مشددة على أن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا هو شرط للحديث المستقبلي حول أي دعم يمكن تقديمه في ما بعد؟ وفي الوقت نفسه، يرى المجتمع الدولي الفشل المتواصل لمساعي المبعوث الدولي برناردينو ليون في مفاوضاته المكوكية التي لم تسفر إلى الآن إلا عن المزيد من الانقسامات والمواجهات والضحايا، ومن ثم انتشار تنظيم داعش وتوحشه في العديد من المدن الليبية. لماذا يسكت الغرب في اليمن ويعترض في ليبيا : لأن داعش يرسم خرائط جديدة صممها الغرب وهو يسير بتعهد ورعاية غربية في ليبيا وسوريا والعراق ،اما في اليمن فالحوثيون هم يمنيون غير مرغوب فيهم من امريكا والغرب وبالتالي لايهم مايقوم به مايسمى بالتحالف العربي هناك ، ولن يسمح بتكراره في ليبيا ،لابل انه من الصعب ان يولد حتى مادام فيه خدمة لوحدة ليبيا وتخليص لشعبها من براثن الأرهاب . البيان الختامي للاجتماع الوزاري العربي يدعو كل القوى الدولية لمساعدة ليبيا ولكنه لايضع اي تصور لمساعدة عربية حقيقية .
|