حوار افتراضي بين بوتين وأوباما |
على شبكة الانترنت انتشرت خلال الايام القليلة الماضية صورة تحمل بين تفاصيلها دلالات عميقة،يبدو فيها الرئيسان الاميركي والروسي(اوباما وبوتين)يجلسان كما لو انهما في استديو لاحدى القنوات الفضائية،وخلفهما شاشة بلازما كبيرة جداتعرض صورة فوتوغرافية لمدينة عربية عمَّ الخراب الشامل بناياتها نتيجة قتال عبثي مر عليها،وكأنها لوحة سوريالية لاتمت الى الواقع بأيِّما صلة،تبدو الصورة وكأنها قد التقطت في إحدى المدن السورية. مايلفت انتباهنا ذاك التشابه الكبير في اشارات الوجوم الذي علا وجهي اوباما وبوتين،وكأنهما يفكران في تلك اللحظة بموضوع واحد ويسيطر عليهما احساس واحد،ابرز علامة فيه:هذا الشعور الكثيف بمأزق كبير وقد فرض سطوته عليهما،وكأنهما قد وجدا نفسيهما في حال لايحسدون عليه،مما جعلهما يبدوان وكأنهما غارقان سوية في التفكير بحثاً عن مخرج. الصورة تقول لنا بأنهما لم يتوصلا بعد الى ما يبعث فيهما الراحة بقدر ما يبدوان وقد امسكت بهما لحظة قاتمة ليس هناك مايشير إلى انها ستمرُّ عليهما مرورا عابرا،بل سيطول مقامهما بينهما. تشير الصورة ايضا إلى أن كل واحد منهما منفصل مكانياً عن الآخر،إلاّ أنَّ كلاً منهما يعيش لحظة زمنية واحدة بنفس تداعياتها النفسية .. شخصيا عندما دقَّقْتُ مَلياً فيها،خمّنت حواراً،له نسق واحد يدور في داخل كل منهما،افترضته يأتي على هذه الصورة : اوباما:كان التخريب والتدمير خطوتنا الاولى،وقد تمّت هذه الخطوة بنجاح كبير كما اردنا لها،بل تبدو النتيجة بالنسبة لي أكثر مما كنت أتوقع..لكن الخطوة الأهم يابوتين، تكمن في ماهو قادم .. السؤال الذي يفرض نفسه بقوة علينا هو : كيف سنواجه كراهية الاجيال القادمة من العرب أولا وبقية شعوب منطقة الشرق الاوسط ثانيا ؟...هؤلاء بدو اجلاف،غلاظ،قساة،لايتسامحون مع الاساءة بسهولة، حتى وإن تظاهروا بالصمت والخنوع،لن يغفروا لنا ولشعوبنا ودولنا ماتسببنا به لهم من تدمير واساءة لكرامتهم ، وتحطيم تام لِما بناه اجدادهم وآباءهم طيلة عقود من الزمن،وقد دفعوا لأجل ذلك الكثير من التضحيات والدماء.. بوتين:اعتقد أن شعب فلسطين خير مثال على الاصرار الذي يتعمّق ويتجذّر في الشعوب المقهورة جيلا بعد جيل،دفاعا عن الوجود والهوية،ومواجهةً لسياسات التدمير والفناء..علينا إذن أنْ نفكر ياأوباما بجدية بما ستواجهه مجتمعاتنا والاجيال القادمة من تحديات حقيقية في المستقبل،سواء طال الزمن أو قصر،وماستدفعه من أثمان باهظة..هذا ليس وهما،أو أستنتاجا،فنحن سندفع دون ادنى شك ثمن التطرف الذي صنعناه في شعوب هذه البلدان التي كانت تعيش فيما بينها بمختلف انتماءاتها الدينية والقومية على الفطرة الانسانية منذ مئات السنين،لكننا ايقظنا فيها فتنة كبيرة اسمها (المكوّنات)،ودفعنا بها الى واجهة المشهد السياسي بديلا عن بُعدها وجوهرها الثقافي الجميل،لتكون أس الصراع والاحتراب في مجتمعات لايمكننا أن ننكر بأنها كانت دائما تعيش متصالحة مع نفسها بهذا التنوع منذ عشرات السنين.ولم يكن مصدراً لتخلفها،بل على العكس،كان في السياق العام لتاريخ المنطقة –من الناحية الاجتماعية -عاملا اساسيا من عوامل حضورها ثقافيا وانسانيا وحضاريا. اوباما:هذا يفرض علينا بأن نستعد بكل مانملك من قدرات لكي نستطيع في قادم الايام أن نتحمّل دفع فاتورة التطرف الموجه ضدَّنا،من ذات التطرف الذي ابتكرناه ودعمناه وعممناه،بأقل مانستطيع من الخسائر،لأن الثمن الذي سندفعه بكل الاحوال سيكون باهظا جدا،بل سيكون بضعف الثمن الذي دفعته هذه الشعوب. بوتين:لاأدري ياأوباما إنْ كنّا سنتمكن من تفادي تلك اللحظة القادمة،أمْ سنذهب الى مسار ٍ غامض يبدو لي هو الأسوأ بكثير من المسار الذي خدَعْنا به هذه الشعوب واخذناها من خلاله الى ماهي عليه من تمزق وتشرذم وانهيارات
|