هموم بصراوية وتظاهرات مليونية |
شخصت التظاهرات الشعبية السلمية في بغداد ومحافظات العراق مستوى الظلم والتعسف والانتهاكات التي نتعرض لها يومياً كمواطنين.. وبان جميع العراقيين، عدا القلة من الحاشية ومريدي الطبقة السياسية الخائبة واقربائهم من يحظى بالامتيازات ويتنعم بخير هذا الوطن المستباح ..
فالمعاناة واحدة والظلم لايتجزأ لافرق بين ما يعانيه ابن السماواة او الديوانية او ذي قار والبصرة عن غيره من ابن بغداد وقبلها الانبار ونينوى وديالى .. وسياسيو الصدفة جميعاً ومنذ ان نصبهم المحتل لم يقدموا اي مشروع وطني بل تمادوا في طغيانهم فسرقوا الاموال عيني عينك كما يقول المثل وشرعنوا نهب المال العام من خلال تشريعات لامثيل لها في العالم فخصصوا رواتب ومخصصات وامتيازات وكأنهم ملوك وسلاطين ، بل زادوا اكثر عندما حددوا رواتب تقاعدية بالملايين من دون اعتبار لسنوات الخدمة اذا تجاوزنا مستوى ما قدموه من خدمـــــــات سواء من كان منهم وزيراً او نائباً او من اصحاب الدرجات الخاصة .. في حــــين ان من خدم الوطن وتجاوزت خدمته العشر سنوات وربما الاربعين لايحظى الا بمبلغ بسيط بعد معاملة طويلة في هيــــــئة التقاعد الوطنية يتعرض خلالها لانواع المذلـة او يدفع المقسوم..
هذا هو حال كل عراقي باختصار شديد ظلم مركب سببه فساد الطبقة السياسية التي لم يصح ضميرها الا بعد ان شعرت بمستوى الغضب الكبير في التظاهرات التي امتدت لاسبوعها الثالث تطالب باصلاحات حقيقية وجذرية في منظومة العملية السياسية المبنية على المحاصصة .. الامثلة كثيرة وموجعة في كل الحافظات ولكن ربما لهموم البصرة طابعها الخاص ففي الوقت الذي يشاهد المواطن البصري نيران الغاز المنبثقة من ابار النفط تجده في نفس اللحظة محروماً من ابسط مقومات الحياة فالماء المالح نصيبه والبطالة والفقر والمرض .. مشهدان يعيشهما يومياً ووهو صابر ويضحي وينتظر من دون جدوى ..
حسن جمال حسن شاب بصراوي اصيل ابى الا ان يضيفنا في بيته المفعم بطيبة البصرة كان يتحدث عن معاناة الشباب وهم يبحثون عن عمل في حين ان شركات النفط تستورد العمالة من الخارج ويروي قصصاً عن الخراب والدمار والنهب لثروات المدينة ..
حسن تحدث عن القضايا العامة وابت نفسه الكريمة ان يتحدث عن والده المعلم والفنان الذي خدم كمعلم (13) عاماً وكان يحلم رحمه الله بان يكمل دراسته في بغداد لكن المرض لم يمهله ومع ذلك لم تفلح عائلته في الحصول على راتب تقاعدي وهو حق وليس منة من احد وبرغم الحاحي عليه بتزويدي ببعض الاوراق والمستمسكات لمتابعة راتب والده التقاعدي الا اني شعرت بحالة اليأس والقنوط وكأن لسان حاله يقول ننتظر الاصلاح من خلال التظاهرات عسى ان تنصف كل العراق ..
مواطن بصراوي اخر جلس قربي من اهل منطقة الخصيب تحدث بمرارة عن صعوبة العيش لعدم توفر المياه الحلوة والتي يضطرون لشراء كميات منها للشرب وتطرق الى موت بساتين ابي الخصيب بسبب ملوحة الماء وتساءل بالم هل حقاً تعجز كل تقنيات الري عن المحافظة على المياه التي تذهب هدراً الى البحر ؟!!
هذا المواطن مفوض في الشرطة وكان يراجع الهيئة الوطنية للتقاعد منذ اشهر من اجل راتبه التقاعدي وقال انهم في (فرع التقاعد العامة في الوثبة) اخبروه ان يراجع بعد شهرين فرع التقاعد في البصرة لكنه يشك ..
ويقول لا اثق بهم لكني اثق بالشباب الذي يتظاهر من اجلنا .. هذان نموذجان بسيطان عن مواطنيين في محافظة هي ميناء وفيها ثروة نفطية كبيرة ويفترض ان تكون من اغنى محافظات العراق ولكنه الفساد الذي ضيع علينا فرص لبناء والنهضة ومن اجل هذا نستمر بالتظاهر حتى نلمس خطوات جدية للتغيير .. تظاهراتنا سلمية وستكـون مليونية من اجل المستقبل.
|