معركة جذورها 44 قرنا تنتهي الجمعة بهزيمة مصر أو قطر |
بين القاهرة والدوحة معركة من نوع "إما أنا أو أنت" محتدمة منذ أشهر عبر القرون والقارات، وتنتهي يوم الجمعة المقبل بنصر لإحداهما يحقق لها امتلاك ما طوله 75 سنتيمترا، وممتد الجذور بالتاريخ 4 آلاف و400 عام، وهو تمثال فرعوني من الحجر الجيري الملون، إذا لم تجمع مصر 25 مليون دولار، أو 180 مليون جنيه مصري تبرعات، لتدفع ثمنه هذا الأسبوع، فسيضيع عليها لصالح دولة شهيرة بشهيتها الكبيرة لاقتناء التحف وما ندر، وهي قطر. يسمون التمثال "سخم كا" بلغة الفراعنة، وهو اسم قد يعني "قوي الروح" كتعبير مجازي، علما أن "كا" معناها "الروح" بهيروغليفية مصر القديمة، على حد ما قال خبير مصري بالآثار الفرعونية، اتصلت به "العربية.نت" في لندن التي يقيم فيها منذ 45 سنة، وتحدث عن طريقة أفضل لإنفاق التبرعات، في حال جمعها، وهي لحماية الآثار الحالية في مصر من التهريب. لوح بأسماء الموتى بين يديهالتمثال كان طوال 135 سنة في متحف بلدة "نورثامبتون" البعيدة بوسط إنجلترا 108 كيلومترات عن لندن، وعرضه المتحف للبيع بالمزاد لحاجته إلى المال، فاعترضت وزارة الآثار المصرية، إلا أن دار "كريستيز" للمزادات مضت في عملية البيع، متذرعة بأنه لا يوجد سبب قانوني يمنعها، وتسلحت بأن مجلس بلدية "نورثامبتون" يرى معها أيضا أن الحكومة المصرية لا تملك الاعتراض على بيعه، فاشترته "سيدة قطرية" في 10 يوليو 2014 بمبلغ 27 مليون دولار، منها مليونان عمولة لدار "كريستيز" المنظمة للمزاد، وسط احتجاج من وزارة الآثار المصرية، ومن جهات بريطانية معا. و"سخم كا" تمثال جنائزي نادر، يمثل "كبير الكتبة" جالسا وعلى رأسه شعر مستعار، ينظر قليلا إلى الأسفل، مع أنف قصير وشفاه باسمة بهدوء، ويرتدي لباسا قصيرا، وعاري الصدر بما يبين قوته الجسدية، ممسكا بين يديه بلوح وضعه على ركبتيه، فيه أسماء لبعض الموتى، وبجانبه جلست زوجته "سيت- ميريت" على الأرض، وبجانب التمثال نقش النحات المصري عبارات هيروغليفية، ورسوما لموكب احتفالي ظهر فيه رجال يحملون البط والأوز وزهور اللوتس والبخور، ويتقدمهم عجل صغير. وكان التمثال غادر مصر قبل بدء تطبيق معاهدة دولية اتم توقيعها في 1970 وتمنع بيع آثار من هذا النوع، فقد اشتراه في القاهرة "الماركيز الثاني لنورثامبتون" اللورد سبنسر كومبتون قبل عام من وفاته في 1850 وشحنوه في 1870 إلى ورثته في البلدة البريطانية، طبقا لما راجعت "العربية.نت" بأرشيفات متوفرة "أونلاين" عن التمثال الذي ضرب بيعه بالمبلغ الذي دفعته "الشخصية القطرية" كل الأرقام القياسية السابقة في عمليات بيع الآثار المصرية بالمزادات. في "نورثامبتون" حاول أحد أبناء اللورد سبنسر الستة بيع التمثال حين وصل إليها، وهو الأدميرال دوغلاس، إلا أنه لم يتمكن من العثور على شار يقتنيه، فأهداه في 1880 إلى متحف البلدة، ضمن اتفاق ينص أن تكون ملكيته مناصفة معه أو مع ورثته، والوريث حاليا هو حفيده "الماركيز السابع لنورثامبتون" اللورد سبنسر كومبتون، الذي تكاتف مع المتحف العام الماضي لبيعه بالمزاد، مع أنه واحد من كبار الأثرياء البريطانيين. المتحف والتمثال، وفوق من اليمين، اللورد البريطاني سبنسر كومبتون، مشتريه في 1850 بالقاهرة، ثم ابنه الأدميرال دوغلاس الذي أهداه في 1880 للمتحف، والحفيد سبنسر، الوريث حاليا مناصفة مع المتحف وزير الآثار يطلب النجدة من المصريينأمس السبت ذكر الدكتور ممدوح الدماطي، وزير الآثار المصري، أن وزارته أوقفت التعامل مع المتحف الذي باعه، لأن ما قام به "جرم بحق التراث المصري وجريمة أخلاقية وأدبية، ويعد خروجاً على الأعراف المتحفية"، وفق تعبيره في مؤتمر صحافي عقده بمقر الوزارة، ووصل صداه إلى وسائل إعلام عالمية طالعت "العربية.نت" في مواقعها وبنظيرتها المصرية ما يكفي من المعلومات عن "سخم كا" الشهير. ذكر الدماطي في المؤتمر أيضا، أن الحكومة البريطانية وقفت مع الجهات المصرية، لمنع نقل التمثال خارج البلاد بعد أن تم بيعه، لكن المتحف أعطى مهلة لمنع شحنه إلى شاريه حتى يوم 28 أغسطس الجاري، في محاولة لجمع التبرعات من مصريين "مهتمين بالحفاظ على تراث بلدهم" والمبلغ المطلوب هو 15 مليوناً و800 ألف جنيه إسترليني، تعادل 25 مليون دولار تقريبا، لدفعها إلى المتحف وإعادة "سخم كا" إلى مصر ثانية. وأوضح أن وزارته ووزارة الثقافة البريطانية، والخارجية المصرية، تسعى للضغط على إدارة المتحف لتمديد مدة منع تصديره حتى مارس المقبل ليتسنى لمصر جمع قيمته. أربع صور لأجزاء عدة من التمثال الذي تم بيعه بثمن ضرب الرقم القياسي لأي عمليات بيع أثرية مصرية بالمزاد "الأفضل إنفاق المبلغ لحماية الآثار المعرضة بمصر للتهريب"وكان المجلس المحلي لمدينة نورثهامبتون وافق أن يبيع متحفها التمثال لاستخدام ثمنه في توسيع المتحف وترميمه، وبعد أن باعته "كريستيز" وظهرت احتجاجات من جهات عدة ، منع إيد فايزي وزير الدولة في وزارة الثقافة البريطانية، في مارس الماضي تصديره لشاريه، بعد توصية من لجنة مراجعة تصدير الأعمال الفنية والمواد ذات القيمة الحضارية التي يديرها مجلس الفنون بإنجلترا، على أمل أن تشتريه الحكومة المصرية التي لا تملك مخصصات حاليا لاقتنائه، لذلك استعانت بالمصريين، خصوصا المهاجرين في الخارج، ليجمعوا ثمنه حتى يوم الجمعة المقبل، وإلا فمصيره سيكون في الدوحة. إلا أن خبيرا مصريا بالآثار الفرعونية، هو أحمد عثمان، المقيم في لندن منذ 45 سنة، وله مؤلفات بالعربية والإنجليزية عن حضارة مصر القديمة، رأى أنه لا يحق لوزير الثقافة المصري الاحتجاج على بيع المتحف للتمثال "لأنه متحف خاص ولمصر الفخر بأن يعطيه أحدهم هذه القيمة ويشتريه بهذا المبلغ، على أن يعرضه على الناس، لا أن يحتفظ به بعيدا عنهم" على حد تعبيره عن التمثال الذي يعود إلى الأسرة الخامسة التي دام حكمها في مصر القديمة 150 سنة تقريبا، بدءا من 2494 قبل الميلاد. واقترح عثمان جمع 25 مليون دولار تبرعات "لا لشراء التمثال، فالشعب المصري لديه تماثيل فرعونية كثيرة وأهم (..) بل لتنفقها وزارة الآثار على حماية الآثار المعرضة في مصر للتهريب يوميا للخارج"، مضيفا أن اللورد البريطاني اشترى "سخم كا" وقت كان بيع وشراء الآثار مباحا ذلك الوقت. |