الامريكيون ،وحدهم ،اسقطوا حليفهم المالكي .والمظاهرات جاءت بعد ان ازاحوه .والامريكيون عندما اطاحوا بحليفهم لم يكونوا على خلاف معه ،ولا هو شق عصا الطاعة عليهم ،بل كل ما في الامر،هو انه قد انهى المهمة التي اوكلوها له ،ولم تعد لهم فائدة بوجوده على رأس الهرم الحكومي .وهذا ما يفعله الامريكيون مع حلفائهم .ولو كان المالكي قد عصى امرهم لفعلوا به كما فعلوا بحسني مبارك .والمالكي يعرف ان غضب الامريكيين لا راد له ،وليس هناك من يحميه منهم . حتى قبل الازمة الرئاسية في كردستان العراق كان الكثير منا يعتقد ان البرزاني باق في منصبه رئيسا للاقليم مدى الحياة .وحتى البرزاني نفسه قد صدق بانه رجل امريكا ولا يمكنها ان تتخلى عنه .غير ان حساباته ذهبت به الى حفرة التهلكة ،فالامريكيون ايقظوا خصومه السياسيون اليائسون من التغيير فجأة ليطالبونه بالتنحي وترك الرئاسة لغيره .وما كان في تصور البرزاني ان ينتفض عليه من كان يسوقهم كالنعاج ! ابتداء الم يصدق السيد مسعود ما يرى ،وظن ان الامر لا يعدوا كونه جرة اذن امريكية ليقدم لهم المزيد من التنازلات .ومن دون ان يطلب منه الامريكيون ذلك ،وقف الى جانب الحكومة التركية وايدها بضرب قواعد معارضيها الاكراد في الاقليم .وطلب مسعود من حزب العمال الكردستاني التركي مغادرة الاقليم فورا ارضاء لواشنطن التي تدعم الحكومة التركية مقابل دعم الاخيرة للتحالف الدولي في حربه على داعش. هذا الاستسلام البرزاني للارادة الامريكية دمر حاضرة ومستقبلة ودفن حلمه في رئاسة الدولة الكردية الكبرى .وفي هذا الوقت الحرج بالنسبة للبرزاني دخل الامريكيون على الخط ،كوسطاء بينه وبين خصومه السياسيين الذين حركوهم عليه وقدجاء الوقت ليستنزفوا اخر قطرة من كرامة مسعود البرزاني مقابل ان يدخل طرفا في الحرب ضد اخوته الاكراد الاتراك ،وقد يعطونه الرئاسة لسنتين مقبلتين وبعدها يتنحى ،على شرط ان يتخلى عن جميع صلاحياته لصالح معارضيه .قد يقبل البرزاني بهذا الشرط لحفظ ماء وجهه ،وبالتأكيد سيقبل .وفي هذا نهايته السياسية .وقد ادرك مؤخرا ان الامريكيين قد غدروا به بعد ان انتهت حاجتهم اليه ...وها هو مالكي اخر يتخلى عنه من ظنهم حلفائه الى قيام الساعة
|