بغداد غاليتي ... شعر د. صادق السامرائي

بغداد غاليتي!!

 

أمِن بُغدٍ إلى أفقٍ تناهتْ

وغابتْ في مَغاربها وتاهتْ

نريدُ بزوغها فالأرضُ حَيرى

تُسائلنا بها كيف اسْتقالتْ

وتشكونا لبارئها وترجو

بلادُ الشرقِ في بُغدٍ تلاقتْ

سَمِعتُ نداءَها في كُنهِ إلّا

بفرقانٍ وواعيةٍ أصابتْ

فكنّا أمّة ذاتَ امتدادٍ

بأكوانٍ وكائنةٍ تنامتْ

ومَن تركَ المَعالي حينَ جهلٍ

تولّتهُ العوادي واسْتطالتْ

ببغدادَ التي سَبكتْ رُؤانا

كجَوهرةٍ بزاهيةٍ تباهَتْ

تسامقتِ النواهي في عُلاها

ومنها كلّ ساعيةٍ تعاطتْ

بهارونٍ ومأمونٍ وذخرٍ

بحكمتها ألا غنِمتْ وفاقتْ

وأرسَتْ فِكرَ أجيالٍ بفعلٍ

يُضيئ دروبَها حتى استنارتْ

بجعفرها وقد بدأتْ مَسيرا

مدورة على أمدٍ تزاهتْ

وتلكَ حقيقةٌ كونٌ رعاها

وكمْ دارتْ دوائرُها وخابتْ

لأنّ الكونَ في بغدٍ تجلّى

وإنّ بريقها شمسٌ اضاءتْ

فلا تخبو ولا خنعتْ لوأدٍ

وإنّ جراحنا فيها تداوتْ

فكوني أمّتي رُغمَ إنكسارٍ

ببغدادَ التي نهضتْ ودامتْ

أرى أمما إلى العلياء طارتْ

لأنّ عقولها فيها تآختْ

وإنّ جموعَها ذاتُ ارتهانٍ

بمعقولٍ ألا نظرتْ فكانتْ

أيا أمّي وما أمّي كأمّي

لأنّ عقولها عنها أشاحَتْ

وكمْ مَنحتْ شعوبا ذاتَ عقدٍ

توادعها وتحميها فجادتْ

حَبيبة كلّنا والحبّ يكوي

بنيرانٍ إذا ضُرمتْ أعاقتْ

مُجاهِرتي بعشّاقٍ لليلى

مُلوّحها يرى مَرضَتْ وعانتْ

وأدْمتْ روحَ مجنونٍ بحبٍّ

وأغوتْ عاشقا عنهُ اسْتجارتْ

لماذا يا ملوّعَتي لماذا

أبغدادَ التي ليلى تراءتْ

عَشِقناها وفي قلبٍ هواها

فدعْ روحا بما عَشِقتْ تسامتْ

إلى بغدادَ أشواقي وحبّي

ومُرتَجَعي لحاضرةٍ أضاءتْ

إلى وطنٍ بهِ الأجدادُ تحيا

وأصلُ منابعي فيهِ أفاضتْ

فمِن غُربٍ إلى بُغدٍ وأمّ

تطيرُ جوانحي فالروحُ هامتْ

وما صَنعتْ لنا الأيامُ ضرّا

ولكنْ بعْضها فينا اسْتحارتْ

فعودوا نحو مَنبعِها وكونوا

بواضحةٍ إلى أملٍ تبارتْ

وعاشتْ أمّتي ضدّ اعْتداءٍ

وتبقى فوقَ عاديةٍ تداهتْ

فما برحتْ مَعاقلها شعوبٌ

إذا غفلتْ وعَنْ هدفٍ تساهتْ

تُفاعِلُ عقلَ مَجموعٍ بعقلٍ

فإنّ عقولنا عنّا أباحتْ

تحيةُ والهٍ يا روحَ بغدٍ

مُعطرةٌ بأشواقٍ تهادتْ

وقد ظهرتْ بأحضانٍ كجمرٍ

وأحزانٍ وآلامٍ تداحتْ

ومِن قلبي ومِن روحي وعَيني

دموعُ مواجعي فيها تهامتْ

أخاطبها كمذبوحٍ بحُبٍّ

وما سَمِعتْ ولا عرفتْ وناحتْ

فعُدتُ مشرّدا والقلبُ يبكي

كأنّ الأرضَ في صدري اسْتدارتْ

وقالتْ دمعةٌ خزنتْ أجيجا

فعشْ فيها , ألا فيكَ اسْتكانتْ

فهِمْتُ بما يوافيني ويأتي

بحارقةٍ على زمني تداعتْ

فقلتُ لها على أملٍ سأحيا

وظنّي أنّها حتما تعافتْ!!