مقاطعة الانتخابات ليست حلا |
اغلب العراقيين غاضبون من الوضع الحالي للبلد وذلك من حقهم ، واغلب الساسة لا يعيرون غضب الجمهور اي اهتمام ، رد فعل الناس على هذا التجاهل والاهمال هو التهديد بمقاطعة انتخابات مجالس المحافظات ، طريقة غريبة ومضحكة للثأر ، يريد المواطن معاقبة ساسة البلد بالتخلي عن حقه الدستوري ! وهو لا يعلم انه بهذا العمل الخطير ينتقم من نفسه ويساعد الفاسدين والفاشلين على الاستمرار في تدمير هذا البلد . جميع الناس يؤمنون بالبديل الديمقراطي وكونه نعمة ربانية تستحق الشكر لله لانه ضمانة لعدم عودة الاستبداد والقمع وضمانة لتداول السلطة سلميا وآلية متجددة لاستبدال المسؤولين الفاشلين والمقصرين وتجديد الطاقات ، وتغيير الاحوال من حال الى حال بلا خسائر ، وتغيير المعادلة التأريخية الخاطئة بجعل الشعب سلطة والسلطة خادما مطيعا وخاضعا للمحاسبة ، لكن قرار عدم المشاركة في الانتخابات تهديد مباشر لاستمرار النظام الديمقراطي ، اي فقدان تلك النعمة عاجلا لأن الانتخابات هي اساس ذلك النظام سواء كانت نيابية او محلية او بلدية ، ولكن الانتخابات مؤلفة من عناصر اذا لم تكتمل فليس هناك انتخابات بل يمكن ان تتحول الى انتخابات شكلية كتلك التي كان يجريها الحكام العرب المستبدين للضحك على شعوبهم المنكوبة ، عناصر النظام الانتخابي هي : 1- الناخب وحضوره الفعال واعطاء صوته لمن يستحق . 2- الاحزاب ومرشحوها وبرامجهم . 3- قانون الانتخابات الواقعي العادل القابل للتطبيق . 4- سلامة اجراء الانتخابات من التزوير . 5- تفعيل دور مجالس المحافظات عقب الانتخابات . ولكن المواطن هو العنصر الاهم من بين العناصر الخمسة ، فان غيابه يشكل تحديا جديا للنظام الديمقراطي واستمراره ، لا بد ان يشعر المواطن في النظام الديمقراطي بأن الدولة بكل مواقعها وجدت لخدمته وتحقيق العدل والرفاه والأمن والعافية ، فالانسان هو الهدف والوسيلة في الوقت نفسه ، وغيابه يضع نهاية للنظام الديمقراطي تدريجيا ويوفر فرصا خطيرة لعودة النظام الدكتاتوري الى السلطة ، خاصة وان شرعية الدولة بكل مؤسساتها تتوقف على الانتخابات ، تخلي المواطن عن حقه الانتخابي هو ثقافة انسحابية انهزامية ، بينما المطلوب التحلي بثقافة المواجهة والاقتحام وخوض الانتخابات على انها معركة لانقاذ البلاد والعباد ، موقف كهذا يؤدي الى اطالة أمد بقاء المسؤولين غير اللائقين لمواقعهم في مجالس المحافظات ، ويؤدي الى بقاء الشرفاء واصحاب الكفاءة بعيدين عن مواقع العطاء والخدمة ، ويشكل هزيمة حقيقية للعملية السياسية ، وهو تحول يصفق له المناوئون للتغيير في العراق والمراهنون على فشل التجربة ، وهذا ما لايتمناه اي عاقل في هذا البلد مهما كانت توجهاته . |