طاقات أمنية كبيرة.. استثمارها فاشل |
الشغل الشاغل للدولة بكل اجهزتها وللناس والاصدقاء والحلفاء في العالم الوضع الامني في بلادنا وكيفية تحقيق الاستقرار ومكافحة الارهاب ومنع تسربه الى الجوار وما الى ذلك من نشاط هدام يمارسه في اي مكان . وتؤكد الحكومة واجهزتها الأمنية ليل نهار على انها تبذل كل الجهود لتوفير الامن والامان للمواطنين ، وانها لم تترك بابا الا وطرقته وقد وضعت الخطط واشترت التكنولوجيا الحديثة لضبط حركة الارهابيين والمجاميع المتطرفة وانها تطبق القانون على الجميع ، وتعقد لجانها الاجتماعات المتواصلة لمتابعة سير الإجراءات .. هذا وغيره نسمعه من كبار المسؤولين والقادة في الدولة . ولكن هذا الذي تزعمه الحكومة وضِع موضع شك ، حين يدلي بعض المسؤولين في الدولة بارائهم وتصريحاتهم بصدد الوضع الامني ، وهي مؤثرة في الناس ،على أساس و(شهد شاهد من اهلها) ، فحسب بعض النواب من اعضاء لجنة الامن والدفاع النيابية ان اللجنة لم تجتمع منذ ثلاثة اشهر على الرغم من تردي الوضع الأمني واختراقه ، ويفسر الأمر على انه هروب من مناقشة المسؤولية عن التفجيرات واحتمالات القاء اللوم على الأجهزة الأمنية وتحميلها مسؤولية فشل خططها الامنية التي لم تعد تحمي أحداً ، وان الناس يمشون ويتجولون بستر الله ، وليس باليات الردع التي توفرها الحكومة والتي لم يعد لها وجود . والامر من ذلك ، يقول نائب محافظ بغداد محمد الشمري اننا فشلنا في استثمار 30 الف كاميرا لمنع التفجيرات ببغداد وحدها ، ولا ندري لماذا اشتريت؟ وهل ستبقى حبيسة المخازن ؟ . ويرى المسؤول وجود علاقة بين القوات الامنية الفاشلة واصحاب المنابر الطائفية ، واضاف عضو اخر ان الاجهزة ليس لديها أية خطة رادعة او عمليات استباقية للمجاميع الارهابية . هذا جانب من واقع الحال المرير الذي يذهب ضحيته المواطنون الأبرياء وهم الذين فوضوا امرهم الى الله سبحانه وتعالى في ان يعوضهم بدلا من التعويض الحكومي الهزيل والذي لا يحصلون عليه الا بشق الانفس وبعد سنوات من وقوع الحوادث . هناك الكثير مما يقال في عدم استثمار العدد والعدة ، والوسائل المادية والمعنوية والطاقات البشرية ، وكأن في الامر شيئاً مقصودا لاستمرار الوضع الأمني الهش لتستفيد منه بعض الفئات الفاسدة التي لا تحقق مصالحها الا في الظروف غير الطبيعية وتدهور الامن . ان بلداً لديه مثل هذه الامكانات لكان حقق الأمن في ظرف وجيز ، ولكن عند التمعن في اسباب الاخفاق فأنه يكمن في ضعف الإرادة السياسية في قمة صنع القرار والانقسام والمحاصصة في تولي المسؤوليات وغياب الرقابة وانعدام المحاسبة ، وحماية الميليشيات التي عشعشت داخل الاجهزة الحكومية ، والاكثر خطورة زج هذه الأجهزة في السياسة ومحاولة الاستفراد بها خلافا للقانون وخضوعا لنصوصه ، وإيكال مهمات لها خارج ماهو مثبت في الدستور .. لذلك نرى السكوت عن اخفاقها وفشلها وانتهاكها لحقوق الانسان وتصرف كل جهاز على انه دولة داخل الدولة له قوانينه وأعرافه وإجراءاته ، أمر في غاية الخطورة ويجر إلى ما لا تحمد. ان توفير الامن بحاجة الى اعادة النظر بالأجهزة المسؤولة عنه اولا وبنائها على اساس المواطنة والخضوع للقانون ، ووضع استراتيجية امنية لا تتأثر بقوة هذا الطرف او ذاك من القوى السياسية ، وإنما بقوة المهمات التي يفترض أداءها ، ووضعها تحت رقابة مجلس الشعب . |