وتحبون المال حبا جماً

 

   من بين حزمة اصلاحات رئيس مجلس النواب استوقفتني فقرة غريبة تتعلق بمنحة غلاء المعيشة التي تم صرفها لاعضاء المجلس .وقد راى السيد رئيس البرلمان ان يقوم بسحبها كاجراء اصلاحي.

 

حيرتني كثيرا منحة غلاء المعيشة وجعلتني افكر بمدى حاجة عضو مجلس النواب الى مساعدات تعينه على قضاء يومه بحد معقول.

 

فكرت باحوال العراقيين في كل فئاتهم ودرجة البؤس التي يعيشون فيها دون ان يجدوا من يقدم لهم منحة تعينهم الى وقت قصير.

 

لكن لو لم يقم العراقيون بالتظاهر,والضغط على الحكومة والبرلمان لما عرفنا ان البرلمانيين تقبلوا برضا كبير ان يستلموا هذه المنحة مع انهم يمثلون الشعب المحروم.ما لا اصدقه ان يتقبل الانسان مبلغا من المال في جلسة لم تبث علنا لان المال المقبوض فيه شك,وريبة.

 

  قرى ومدن كثيرة تفتقر الى وجود الماء الصالح للشرب,اطفال يشربون من البرك الاسنة او الانهار الملوثة.ومع ذلك تسدل الستارة على اعضاء برلماننا وهم ياخذون منحة مباركة باتفاق غريب لا يضع في حسابه كل حالات الجوع المتفشية في البلد.

 

   ساقدم نظرية بسيطة لكل من اخذ منحة غلاء المعيشة ثم أعادها كما قيل ولا نعرف مدى الدقة في هذا.تقول هذه النظرية ان الناس في العموم يحـــــبون المال وأعضاء مجلس النواب جزء من الكل المحب للاموال,لذلك فانهم يحبون المال حبا.قالها رب العزة في كتابه الكريم”وتحبون المال حبا جما”.

 

  هذا الحب الجم لا يتوقف ولا ينتهي.وفي كل زمن ستتكرر هذه الصورة وسنصادف رغبة الحوت في ابتلاع كل شيء.وفي اليوم يظهر هذا العضو او ذاك بمظهر المدافع عن الشعب وحقوقه.وهو في سره اكل مال الفقراء والمحرومين بدون وازع.

 

   كل من اخذ تلك المنحة ثم اعادها سيكون مدانا,وكل من يفكر بنعمة الامتياز سيكون مخطئا.ولا بد من ان يكون مجلس النواب شجاعا في بث جلساته على الهواء وامام الناس لنعرف درجة حب المال.

 

   اعترف اني صدمت بهذه المنحة المزاجية التي تؤكد حب البرلمانيين للاموال.ويبدو انها شهوة ابدية اكدها اول مجلس ديمقراطي منتخب.