توفرت الظروف الإستثنائية، التي لا تجتمع إلا بقدر خارق، لتحويل د. العبادي، من رئيس وزراء عابر، في تاريخ العراق المأزوم دائما، الى علامة تاريخية، تفصل بين عهدي (الفساد) و(النزاهة). (1) جندر
لم يُقدِم الرسول، على إصطحاب النساء، غير المقاتلات، في غزواته المقدسة؛ لنشر الدين الإسلامي الحنيف، داخل شبه جزيرة العرب، لكن عندما دالت الجزيرة، لدين الله، وتوجهت بوصلة الإيمان؛ لضم الإمبراطوريات المحيطة، في آسيا وأوربا وأفريقيا، عهد خلافة عمر بن الخطاب.. رضي الله عنه؛ تطلبت الحروب أمدا من الوقت يستطيل مع مسافة النأي عن الأهل. لذا سأل الخليفة زوجته: "كم تطيق الأنثى صبرا على فراق بعلها" فعلم أنها اربعون يوما؛ لذا وجه بألا يمكث أي مجاهد في ثكنات المرابطة، أكثر من أربعين يوما، يلزم بعدها بالعودة من الجيش الى أهله. إنها الحكمة الإلهية التي ألهمت زوجة الخطاب، مجسا إنسانيا فطريا، أثبت العلم الحديث، دقته البايلوجية.. حيويا؛ لحفظ شرف النساء والرجال، على حد سواء؛ فمقاومة الإنسان.. الجندر.. من أنثى او ذكر، تنهار بعدئذ! ولو كان للجهاد زنا، ما إدخر الله وسعا، بخل به على الرسول.. حاشى لله، وسخى به كرما على المقبور الداعشي.. ابي بكر البغدادي، المفتي بـ (جهاد النكاح) الذي أعطى غطاءً شرعيا للشهوانيات النازعات الى البغاء.. بالفتوى ومن دونها. عسى ان يتخلف الوحي عن النبي محمد.. صلى الله عليه وآله، ويسارع الى البغدادي.. ساء ذكره، وهو عليم بأن الله ورسوله وخلفاءه وآل بيته والصحابة والأولياء الصالحين والمؤمنين جميعا.. من مسلمين وغير مسلمين، براء من فتواه الآثمة!
(2) بحر تضامن الشعب مع الحكومة، في سبيل الإصلاحات، مؤسسا على أرض المرجعية الطاهرة، بصلابة موقفها الذي تمتثل إليه زرافات متدفقة من ألوان الطيف العراقي؛ ما يشكل فرصة طيبة، لمجلس الوزراء.. برئاسة د. حيدر العبادي، في إنتهاز التوقيت الدقيق للسانحة التاريخية، التي قيضها الله له، من خلال فتوى المرجعية، وتدخلها المباشر، بحسم قضيتي (داعش) و(الفساد). توفرت الظروف الإستثنائية، التي لا تجتمع إلا بقدر خارق، لتحويل د. العبادي، من رئيس وزراء عابر، في تاريخ العراق المأزوم دائما، الى علامة تاريخية، تفصل بين عهدي (الفساد) و(النزاهة). البطل القومي، لم ينتفِ؛ فموسى وبانجو فيلا والمهاتما غاندي ولينين ونلسن مانديلا، ومنقذو الشعوب الآخرون، لم يوحَ بختامهم، مثل نزول الأنبياء، وبإمكان أي رجل ذي وطنية راسخة، وعزيمة نافذة، ان يقود شعبه عبر البحر ويرتقي القطارات ويصوم ويرزح في السجن عقودا؛ ليحرر شعبه من أسر واقع محيط يسد منافذ الأمل حد القنوط. وللعبادي أسوة حسنة بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أحكم القبضة على آفة (الإخوان) في ليلة واحدة، شق فجرها جدران السجن، وأعاد إطباقها من حول محمد مرسي، بمبادهة حيدت تنظيم (الإخوان) العالمي، أشاد بها الأحياء والأموات من شعوب العالم قاطبة. ظروف العراق أيسر من همجية الأخوان.. سياسيا، في مصر؛ برغم وجودهم في ثلث محافظاتنا، متمظهرين على شكل (داعش) ومن قبلها (القاعدة) وسواها كثير، كالحرباء؛ ما يعطي فرصة تاريخية هامة للعبادي، كالممر الثاني من قناة السويس، الذي شقه السيسي بأموال صنع المستحيل، في وقت قياسي لإستحصالها من دون الخليج. ونحن تتوفر لدينا الأموال بسهولة، فلا نحتاج سوى همة العبادي، وهو محاط بحزام ظهر قوي.. الشعب معه إنطلاقا من توجيهات المرجعية. فمن يحتاج في التآزر معه.. أكثر من المرجعية الرشيدة والشعب المطواع؛ كي يثق بقدرته على إقصاء المفسدين وإقامة دولة النزاهة.
(3) الموز والتفاح والبيبسي والستلايت والموبايل وشتيمة المسؤولين من دون عقاب والمدنية غير المهددة بطلب مواليد للعسكرية، أبرز مكتساب الشعب العراقي، من سقوط الطاغية القبور صدام حسين، ضحى مقابلها بالأمان والكهرباء والنزاهة، حتى بات يستغني عن إصدار مستمسكاته الأساسية لعجزه عن خياري التدافع وراء شباك مغلق في دائرة حكومية، او دفع رشوى تبهظ كاهله! هل الموز والتفاح والستلايت والموبايل وعسكرة المدنين بمزاج أهوج، أسباب كافية لصدام حسين، تجعله يضطر شعبه للإستنجاد بالشيطان؛ كي ينجيه من ديكتاتورية عاتية؛ لا نتمنى عودتها برغم درك الفساد الذي إنحدرنا أليه، بعد 2003. ولسوء ما حاقت به شهوتهم المال؛ أثبت ساسة الراهن العراقي، ان ليس بالإمكان أكثر مما كان الديكتاتور يقدمه للشعب، محققين قولا شهيرا لعجوز أطلت من إحدى الفضائيات، قائلة "سخم الله وجوهكم بيضتم وجه صدام".
|