الاقنعة والمرجعية

كثيراً ما تبارى العديد من الاسلاميين في الدفاع عن المرجعية الدينية بمناسبة او بدونها، كلما تناول احداً موضوعها اذا ما تدخلت في السياسة ايجاباً أوسلباً، الدفاع دئماً مستميتاً، لا يخلو من اتهامات شرسة، تهدف الى التسقيط واخراس الصوت الذي يدعو الى ابعاد الدين عن السياسة، حفظاً على الدين وكرامة رجل الدين، ومنعاً لاستغلال الانسان العراقي

لا ننسى جميعا عندما دعى عدد من المتملقين، ان يمنح السيد علي السستاني جائزة نوبل للسلام، وعندما تحدث العديد ممن يفهم ما هي جائزة نوبل، أنها لا ترفع من شأن المرجعية، قالوا انهم لا يريدون له ان يكون شخصية عالمية. وهنا لا اريد ان اسهب في امثلة من هذا النوع منعاً للاطالة والخروج عن مناسبة الحديث، اذكر هؤلاء انهم اول من تنكر للمرجعية، واداروا ظهورهم لها، عندما دعت للتظاهر والوقوف بوجه الفساد، فالكثير منهم حرض على عدم التظاهر، لاننا في مرحلة محاربة داعش، منهم من اتهم المتظاهرين انهم يحملون اجندات لدول اجنبية، منهم من قال انهم ليسوا بمسلمين، منهم من قال ان المتظاهرين يريدون شراً بالدولة الاسلامية والنموذج الاسلامي، ويدعون الى دولة مدنية تفتح الباب للانحلال الاخلاقي، وكثير من هذه الادعاءات التي يعرفها العراقيين، لكن اكثرهم غرابة وبالرغم من عدم خروجه للتظاهر، راح ينشر صور للسيد العبادي وهو بجسم رياضي ممتلئ بالعضلات، وعليها عبارة (العبادي بعد تأييد المرجعية) وكأن الجماهير التي خرجت لا وجود لها، فقط هي المرجعية التي جعلت منه قوياً، اكثر الانتهازيين ممن لم يشارك في التظاهرات، عاد للعبته الاولى، في الدفاع عن المرجعية بطريقة استفزازية واقصائية، عندما يطرح احد الاراء أن المرجعية استجابت لنداء الجماهير، يقول لا، المرجعية هي التي قادت المتظاهرين ويستمر متغزلاً بها، وهو لا يخرج من بيته للتظاهر ضد الفساد

هذه النماذج هي نفس المنافقين الذين كانوا يدافعون عن سيدهم المقبور صدام حسين، وهم اليوم يحاولون خلط الاوراق في التحريض على تحويل التظاهرات من سلمية الى عنفية، هم انفسهم اذا ما خرجوا للتظاهر انما ليقوموا بافعال تسيئ للمتظاهرين، ويجعلوها عنفية بدل سلمية، لاسقاطها في فخ الاضرار بالمصالح العامة، ما يدعو الى تدخل قوات حفظ الامن ومعاملة المتظاهرين السلميين بالعنف

هذه النماذج مستفيدة من اسيادهم الجدد في الاحزاب الدينية الطائفيةالحاكمة، ولم تكن المرجعية لهم اكثر من غطاء لتمرير مصالحهم على حساب الفقراء والمساكين من الشعب العراقي، والى هؤلاء نقول أن الجماهير سبقت المرجعية ولن تتوقف الا بانهاء الفساد ومحاسبة الفاسدين، مهما كانت انتماءاتهم ومواقعهم، والمرجعية استجابت للجماهير ونفظت يدها من السياسيين الفاسدين خوفاً على مكانتها التي شوهها هؤلاء الفاسدين، وان المحاسبة بعد ان تنال من الرؤوس الكبيرة ستنال من وعاظ السلاطين المنافقين امثالكم، فدماء الضحايا ومعاناة العراقيين ومستقبلهم ليست للمساومة او الهدر

الجمعة القادمة ستكون لتغيير القضاء، ولن يقف احد بوجه الجماهير المتضررة، فعلى كل مواطنة ومواطن يبحث عن حقه في المواطنة، ان يخرج للتظاهر، وعلى كل مواطنة ومواطن يرى ثروات بلده تسرق، ان يخرج للتظاهر، وعلى كل مواطنة ومواطن مقتنع حقاً بالمرجعية، ان يخرج للتظاهر، فغداً بعد ان تسقط الاقنعة لن نعذر احدا