((ان الل.. لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)), صرحت السماء بأن الله لا يغير ما بقوم؛ من شر الى خير, او من شدة الى رخاء, حتى يغيروا ما بأنفسهم, فإذا تغيروا لصلاح واستقامة, غير البارئ عليهم العقوبات ؛ من منطلق ((وما ربك بظلام للعبيد)), والحالة منعكسة تماما؛ فلا تذهب النعم الا اذا تغير القوم للمعاصي, وهذا مصداقا لقوله تعالى, ((ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة انعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)).
مصطلح التغيير اصبح شائعا في الآونة الاخيرة, فالتغيير لا يأتي الا نغير انفسنا نحن؛ ومصداقا للآيات انفة الذكر, فعندما يغير صاحب المحل سلوكياته مع زبائنه؛ سيتغير تعامل الاخرين معه, وقد تتحول من انتقام الى تعاون, وعندما يغير الطبيب او الممرض مزاجه مع المريض؛ فلا شك سيغير ما بنفسه, فما الفائدة من الملابس البيضاء التي يلبسها الطبيب والممرض؛ وقلبه مملوء بالغل والبغضاء لمريض راجعه متأخرا.
نحن اليوم عندما نشكو جور الحكام وتسلطهم؛ لابد ان نحاسب انفسنا, هل تعاملنا مع من هم تحت ايدينا تعاملا رؤوفا ودودا؟ ((فكيفما تكونوا يولى عليكم)), فاذا نحن شركاء في سرقة البلد ونهبه, لأننا لم نهيئ الارضية الخصبة لكي يولى عليها الاخيار, وهذا سببه ما بأنفسنا, فلماذا يخرج الطبيب متظاهرا مطالبا للإصلاح؛ وقد رفع كشفية عيادته الى سعر اعلى؟, ولماذا نطالب بالتغيير؛ وعندما يأتي ابسط مسؤول نستقبله لاهفين بالترحيب؟.
نعيش اليوم في حالة عصيبة جدا, يسودها عدم الثقة بالآخرين والحقد الدفين, ويغلبها المصالح الشخصية الضيقة, لم أكن متشائما ابدا, لكنه واقع حال فرضته انفسنا علينا, فما بالنا نتصارع فيما بيننا؛ وقد تركنا خلفنا الدين والاخرة, مالنا نطالب بالإصلاح ولم نصلح انفسنا بعد, ولم نمتثل لأمر مراجعنا؛ الذين طالبوا مرارا وتكرارا؛ بتغيير اشخاص بقينا متمسكين بهم وبسياستهم التي أغرقت البلد.
وانسجاما مع عنواني اعلاه؛ خروجي عن المألوف باعتقادي؛ اننا نتجه عكس الاستقامة ونحن نخالف الارشادات, فأننا ماضون الان نحو البؤس والفرقة وعدم اجتماع الكلمة, لأننا وهمنا بأشخاص اعتقدنا انهم الصالحون, وتركنا وكلاء المعصوم, فان بقينا هكذا سنلجأ قريبا الى التغير نحو المعاصي, فنلقى الشدائد والقحط, ((ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار)), ((وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون)).
|