تصريح رئيس الوزراء أمس (لولا دولة القانون لانهار العراق) كبير وثقيل ولا يمكن هضمه ولو شربت معه النهرين، لا ينفع معه القول ان ائتلاف دولة القانون ورئيسه لم يرَ جحر أزمةٍ إلا ودخلها، ولم يكن هناك فتيل مصيبة إلا وكان البادئ بإشعاله، فمن مشاكله مع الكرد إلى معضلته مع المحافظات الغربية إلى شقه صفوف التحالف الشيعي نفسه، مرورا بمشاكل فساد كبرى تلاحق أعضاء مبرزين فيه، فإذا كان "صمام أماننا" على هذه الدرجة من خلقه للأزمات، فنهاية البلد عويصة. تصريح كهذا لا ينفع معه التحليل، لا تحليل الدم ولا تحليل البول ولا التحليل السياسي، لا يفيد معه إلا أن تتعامل وإياه كما يتعامل برنامج البرنامج لصاحبه باسم يوسف مع كلمات الرئيس المصري محمد مرسي التي لا تقل ثقلا وصلابة وتطنعا عن كلمة دولة رئيس الوزراء. كنا نلتمس العذر لدولة الرئيس بالقول ان مستشاريه يخفون عنه معلومات ويهولون له معلومات أخرى، وانهم يدفعون بالرجل إلى اتخاذ مواقف تدخله في حيز ضيق من الحرج وانعدام الحيلة، لكني منذ زمن بعيد بدأت أشك في أن المسألة تتعلق بفساد البطانة وحسب، فلا أظن أن السيد رئيس الوزراء لا علم له بملفات فساد المقربين منه جدا، ولا علم له باللجان التحقيقية التي دخلت في غيبوبة أبدية ولا علم له بتذمر الناس، ولم يصل مسامعه ان دولة القانون ما غيره يحتشد ويحشد الناس طائفيا من أجل مكسب انتخابي صعدوا به من قبل ويريدون أن يصعدوا به ثانية لصنع أربع سنين عجاف أخرى. أعرف ان المشغولين بالكسب المادي من المعتاشين على هذه الترسيمة السياسية المسخ لا يريدون لهذه الترسيمة أن تتغير ويريدون أن يظل الوضع كما هو، وأعرف أيضا أن المشغولين بمسكوكات رمزية تتعلق بانتصار الطائفة على طائفة أخرى تعميهم حماستهم الطائفية عن رؤية اللطخة السوداء في ثياب ملاكهم، وهذا وحده فقط سر قوة "دولة القانون": أعني اعتياشه على تخويف بعضهم من خسارة مكتسباته السحت، وتخويفه آخرين من انكسار الطائفة في حرب هي دائما وأبدا على وشك الوقوع. موقف كهذا لا يمكن التعاطي معه إلا بسخرية، سخرية باسم يوسف الذي ـ للمناسبة ـ أعلن أمس أن مذكرة اعتقال صدرت بحقه لـ"تطاوله" على مرسي ذي التصريحات الفارغة الطنانة الكاشفة عن خوائه وفساد شلة الأنس التي تحيط به. تصريحات كهذه قلب للمنطق رأسا على عقب، فلا يصح التعاطي معها بمنطق، إنها شبيهة بشعار "الإسلام هو الحل" بينما الإسلام السياسي الآن هو أكبر مشاكل ومعضلات العراق ومصر والمنطقة والعالم. ويبدو أن المتسلطين الجدد من الإسلاميين لا تخيفهم إلا السخرية، فلم يبق لنا إلا أن نضحك عليهم ونضحك الناس، في مشهد كل ما فيه يدعو للبكاء على مقدرات دول عظيمة تضيع هباء على أيدي الفاسدين. |