تحديات تواجه المرأة بعد 2003 |
في مجتمع محافظ ومنغلق جدا مثل المجتمع العراقي , تكون المرأة فيه قيمه عليا ومطلقة , ترتبط ارتباط وثيقا بالهيبة والمكانة وعقال رؤوس الرجال . تتغنى بها الاعراف والقيم التي تتربى عليها العشائر والقبائل والعوائل الكبيرة بمختلف مناطق العراق , حيث ينظر للمرأة على انها من المحرمات والمقدسات التي لا يجب انتهاكها , او يبخس حقوقها اوالتعدي عليها . حتى ان النظرة العشائرية القبلية عند العشائر والقبائل والعوائل الكبيرة في العراق (ناهيك عن التحريم الديني ) , تجرم وتحرم الاعتراض للنساء اوالتعدي باللفظ اوالفعل على حرمتهن , مهما كان الطرف المقابل ( حتى لوكان عدوه في حالة صراع ) , فلقد كانت تستثني العشائر والقبائل العراقية المرأة من العقوبة والثائر العشائري . بل ان للمرأة حرمه عند حضورها تستطيع من خلالها ايقاف الصراع اوحتى ان تلهبه ( بربطة شعرها فقط ) , ومازال التاريخ منذ الحضارات القديمة يتغنى بمكانة المرأة العراقية فالملكة السومرية ( شبعاد ) الى الحضارة الاشورية والاسلامية في العراق . ومرورا بستينيات القرن المنصرم والسبعينيات , حيث كانت المرأة العراقية ذات مكانه مرموقة وتعليم ممتاز تتفوق به عن قريـناتها بالدول المجاورة . وعملت في كثير من الاختصاصات التي لم تعمل بها النساء سابقا , كل هذا كان يعطي دورا كبيرا للمرأة العراقية في المجتمع , من خلال التعليم الراقي والتثقيف وكذلك من خلال القوانين والتشريعات التي صدرت والتي تنص على الحقوق القانونية والمدنية للمرأة . واستمر الحال الى التسعينات من القرن المنصرم , حيث بدأت المرأة تعاني ظروفا اخرى غير الظروف التي واجهتها في ثمانينيات القرن نفسه عندما دخل العراق حربا ولفترة طويلة لعبت فيه المرأة دور المربي والمعيل حتى لوفقد رب الاسرة . فبسبب الحصار الاقتصادي عانت المرأة التراجع بمستوى التعليم ( نتيجة التسرب من المدرسة اوعدم امكانية الاسرة الصرف على دراسة البنت فتفضل اكمال دراسة الولد عليها ) . وكذلك ارتفاع في معدلات سن الزواج والعنوسة , وازدياد ظاهرة العنف الاسري ضد المرأة . وكذلك الى الارتفاع في نسب الطلاق ( في ذلك الوقت ) وهي في ارتفاع حتى في هذا الوقت . ورغم ان المرأة كانت في ذلك الوقت تقع تحت ضغوط وانتهاكات وكذلك الى استغلال وعنف , الا ان مكانتها لم تتزحزح كثيرا عن قبل . ولكن بعد عام 2003 ونتيجة الاحتلال الامريكي للعراق , عانت المرأة معـاناة كبيرة جدا. فبالإضافة الى كل ما ذكرنا سابقا , من تعرض المرأة الى العنف والاستغلال وارتفاع نسبة الامية في صفوفها . ظهر نوع جديد من الانتهاكات , حيث تعرضت الكثير من النساء المعتقلات لدى القوات الامريكية الى انتهاكات جنسية خطيرة وصلت الى حد الاغتصاب والعنف الجنسي (وحتى بعد رحيل القوات الامريكية بقيت ظاهرة الانتهاكات الجنسية ضد المرأة والابتزاز الجنسي قائمة ولوبشكل محدود عن الســـابق). ولكن في ظل الصراعات التي تشتعل بين الحين والاخر , طفت الى السطح حالة جديدة , فلقد تدفع المرأة العراقية حياتها نتيجة تعرضها للاستهداف الشخصي على يد الجماعات المسلحة , وكذلك هناك الانتهاكات اللفظية ضد المرأة العراقية والتجاوز على مكانتها وقدسيتها . والتي اصبحت دعاية قوية لدى الاطراف المتنازعة والمتناحرة , تكمن بالتشهير والقذف بحق نساء شريحة اوطائفة معينة ومن كل الاطراف . كذلك الاستهانة بمقام المرأة واعتبارها جزءاً من تعويض قد يقدم لاحقا لأي طرف تم اضراره اولفظ خلاف اواشتباك معه . ان واقع المرأة العراقية في هذه الايام يحتاج الى وقفة كبيرة من الجميع , اعتبارا من المؤسسة الدينية ومرورا بمنظمات المجتمع المدني وانتهاء بأجهزة الدولة . فيجب حمايتها من المخاطر المحدقة التي تحيط بها , ومنع استغلالها وتقليل مستوى العنف الاسري اوالجسدي الموجه لها , وكذلك اخراجها من دائرة الصراع بين العشائر اوالجماعات المسلحة واحترام مكانتها وقدسيتها .
|