الحريه كلمة
كتب لي حمزة الحسن . يقول فرانز فانون : إن الضحية تمارس أساليب جلادها الأصلي بمهارة وتتفوق عليه في الخسة عن ذلّ معتّق وهي في الغالب لا تقترب من ضحية قوية . لأن جلادها الأول زرع فيها الجبن والنذالة ولكنها " تنتقي" ضحية مشرفة على الهلاك ، أو بلا حول لها ولا قوة . الإنسان الأعزل وليمة مستمرة ، والانتقاء هو أقذر سلوك بشري . أحيانا يعتدي الإنسان على نفسه وحريته وكرامته من دون أن يشعر ، أي إنه بحكم ظروف قاتلة صار يتخوزق بمحض إرادته من دون إكراه . وحين لا يجد قوات مسلحة تحاصره ، فإنه يحاصر غيره بالنميمة والكراهية . لأن المخزون الأصفر بحاجة إلى " تفريغ" . وحين لا يكون هناك آخر يحاصره فإنه يحاصر نفسه لأن نظم الحكم الوحشية زرعت فيه سلوك العقرب الذي ما أن يحاصر بالنيران حتى يلدغ نفسه لكي يموت ، متخيّلاً إنه خرج من الموقف ونجا . والحكاية الطويلة . هنا في الدول الاسكندنافية ملّت وضجرت شرطتها ، التي تربّت ودرست وعاشت ودربّت وتعلمت في البيوت والمدارس والشوارع على مبادئ حقوق الإنسان . ملّت شرطة اسكندنافيا من تقارير بعض الأحزاب الثور ـ ية العراقية ضد من يختلف معهم في الرأي . وهنا في النرويج اقترح رئيس حزب طبق ـ ثوري على بوليس العاصمة أن يكون أكثر قسوة وخشونة مع اللاجئين العراقيين مما جعل مدير البوليس يشمئز من هذا الاقتراح . قائلاً له بغضب : ( بدل أن تتعلم منّا حقوق الإنسان حتى لو كان مجرماً ، تريد تصدير ثقافة التعذيب والقتل لنا ) ؟. في مالمو السويدية قام حزب طبق ثور ـ ي أيضا بتقديم عريضة ضد دكتور عراقي معروف في محطات التلفزة وصاحب موقع وهو صديق أيضا وشيوعي سابقا ، قام الحزب بتقديم عريضة من 300 توقيع ، تقول : إن هذا الرجل " عميل" مخابرات إلى آخر هذه الترهات . ضابط البوليس خريج الشوارع والعوائل والنظم والكليات السويدية ، قال للقائد الثور ـ ي : كيف اجتمع هؤلاء الشهود هنا في مالمو وهم من مدن عراقية وقرى مختلفة وتعرفوا على شخص واحد في ساعة واحدة ومشهد واحد إذا لم يكن هذا توجيهاً حزبياً ؟. مع كل مساوئ الدكتاتوريات هناك أيضا المسؤولية الشخصية والأخلاقية . يبدو الأمر كما لو أن تلك النظم خلقت الكائن ، السجين ، المتجول .. أو السجان المتنقل داخل جلده . هناك عولمة العاهات والعاهات لا تتمحور في المركز ، بل تنتشر كثقافة بديلة . لقد اقترح مسؤول الحزب الثوري بتطبيق الفلقة والاهانة والتعذيب في أرقى ليبرالية في العالم . هل صدقت الآن هناك مخلوقات عراقية أعيق نموها الطبيعي ، وإن " الأنا" بترت وأخرجت من سياقها البشري كما هو الأمر مع الغابات . أين هي الغابات ؟ بل أين هي المصاطب القديمة والحدائق ؟ كل شيء تم تشويهه لكي يصبح على صورتنا : الضفاف والغابات والحدائق ، وحتى الدول الليبرالية . هذه مرحلة " منعطف" لا القديم فيها يموت ، ولا الجديد يولد .
|